الأربعاء، 27 فبراير 2013

التنمية المتواصلة مفاهيم ومستلزمات الوضعي من رؤية إسلامية


بسم الله الرحمن الرحيم

التنمية المتواصلة مفاهيم ومستلزمات الوضعي من رؤية إسلامية

dr. Sajid Sharif Atiya 
سجاد الشمري 

بدا مصطلح التنمية المتواصلة في السبعينيات من القرن العشرين ؛ ليعبر عن ضرورة الالتزام بالتنمية الاقتصادية من خلال الحفاظ على البيئة، ومنذ ظهوره لم تعد المساهمات قاصرة على الاقتصاديين فقط.
وادعى حماية البيئة ، ورجالات السياسة والاجتماع الفضل في تحديد مفهوم التنمية المتواصلة ، بقدر ما جعلوه أقرب إلى الشعارات العامة.
ومن منظور اقتصادي  إسلامي لابد لنا من فحص المصطلح الجديد والمفاهيم الوضعية قبل قبول البعض منها أو الرفض أو اجراء التعديل عليه.
كما أن الأدبيات الإسلامية في مجال التنمية الاقتصادية قد أظهرت الاهتمام بالعوامل غير الاقتصادية ، وعلى رأسها الاهتمام بالبشرية وإزالة الفقر ، بالإضافة لذلك الترشيد في الاستهلاك واستخدام الموارد البيئية التي جعلها الله تعالى الأمانة في عنق الإنسان.

الباب الاول : التنمية المتواصلة
هو مصطلح جديد وله مفاهيم عديدة:

بملاحظة مصطلح التنمية المتواصلة فهل هناك مفهوم محدد للتنمية المتواصلة في الفكر الوضعي ؟ فلقد شهدت الستينيات من القرن العشرين الاهتمام والقلق المتزايدا بشأن التلوث البيئي والآثار الفعلية المحتملة مستقبلا على الموارد الطبيعية .
فطرحت مؤلفات وبحوث لعلماء متخصصين في مجال البيئة تحذر من الآثار الخطيرة للأمطار الحمضية ومن انبعاث غاز أول أكسيد الكربون في الفضاء الجوي ، وظاهرة التصحر وتلوث مياه الأنهار والبحار في العالم (Carson. R. 1962).
وفي عام 1972ميلادي واستجابة لضغط الشعور المتزايد بخطورة الأزمة البيئية في العالم عقد أول مؤتمر للنظر في حماية البيئة برعاية الأمم المتحدة .
وكان ذلك المؤتمر في ستوكهولم (السويد) وقد حضرته 113 دولة , وقد كان واضح من المناقشات وقرارات المؤتمر هناك اقتناع تام بأن مشكلات البيئة يجب أن تحتل مكانتها للأهميتها جنبا لجنب مع قضية التنمية الاقتصادية التي كانت تحتل اهتمام العالم إلى ذلك الحين .
ولما كان نمو النشاط الاقتصادي خاصة من خلال التصنيع واستخدام التقنيات الحديثة التي اعتمدت على الكيمائيات المصنعة من أهم الأسباب وراء التدهور البيئي ، اتجهت الآراء لضرورة الالتزام بالتنمية الاقتصادية فهي بالتالي تؤدي بالمحافظة على البيئة ، ومنذ ذلك الوقت ظهــرت مصطلحات جديدة لتعبر عن هذا المعنى كان أكثرها شـيوعا هو التنمية المتواصلة Sustainable Development ، (Tolba, M.K, 1987. P.8.
منذ ظهور مصطلح التنمية المتواصلة لم تقتصر البحوث الفكرية في مجال التنمية الاقتصادية فقط على الاقتصاديين ، بل أخذ الدعاة لحماية البيئة يشاركون فيها . ولم يكن كثرة المســاهمات الدور في تحديد مفهوم التنمية المتواصلة بقدر ما أحاطت به الغموض فجعلته أقرب إلى (الشعارات) ذات الطابع العام (Lélé, S.M, 1991, P.607)

وفي عام 1992م تم عقد قمة عالمية للبيئة World Summit Environment في مدينة ريودي جانيرو (بالبرازيل) ، التأكيد على خطورة قضية حماية البيئة. فالمستعراض لما كتب في التنمية المتواصلة يؤكد الحيرة التي وقع فيها المفكرون الوضعيون بشأن مفهومها. فلا تجد اتفاقا بينهم ابدا، بل أنواع من المفاهيم بعضها منطلق من الإيمان بفلسفة الطبيعة أو حماية (الام) الأرض حيث التمسك بانها هي أساس السعادة الإنسانية (Chris Maser, 1987, p.8) .

أما الموارد المتجددة Renewable Resources إن استخدامها الحكيم ينبغي ألا يؤثر في مقدرتها الذاتية على تجديد نفسها , وحيث إن مثل هذا المفهوم سيؤدي عند تطبيقه إلى منافع كما سيكون له تكاليفه فلا بد أن تكون هناك مشاركة عادلة من الجميع في هذه المنافع والتكاليف (Hardy and Lloyd. 1994).
فكانت لجنة البيئة والتنمية العالمية (WCED, 1987) تؤكد على ضرورة التوازن بين مصالح الأجيال المتعاقبة, فالتنمية المتواصلة هي:
-        التنمية التي تعمل على إشباع الحاجات للأجيال الحاضرة دون أن تؤثر على مقدرة الأجيال المستقبلة في إشباع حاجاتها أيضا .

وهذا التعريف رغم البساطه الظاهرة فيه ولكنه يتضمن إشكالية معقدة تختص بكيفية تحديد الحاجات وأولوياتها بشكل متوازن بين الحاضر والمستقبل مع بروز مسالة حقوق الأجيال القادمة عند(Williames and Houghton, 1994) .

فالتنمية المتواصلة لا تقوم إلا على:
-        مبدأ المساواة بين الأجيال المتعاقبة
-        العدالة الاجتماعية التي تتضمن عدالة توزيع الموارد الطبيعية بين هذه الأجيال .

وأضاف : (Williames and Houghton, 1994, p. 116) مبدأ جديد للتنمية المتواصلة وهو:
-        امتداد المسؤولية في إدارة الموارد وحمايتها على المستوى العالمي وليس فقط على المستوى القومي .

اذا فالعالم مترابط بين أجزائه باعتماد التبادل ومن ثم فإن قضية التنمية من خلال إطار حماية الموارد الطبيعية والعدالة تسحبنا لرؤية واضحة للمسؤولية الممتدة , وفي خضم المفاهيم فنجد (Pearce & Others, 1990. P1-2) قد وضع مفهوم فيه نوع من التوازن بين المتطلبات البيئية ومتطلبات الرفاه الاقتصادي / الاجتماعي , فالتنمية المتواصلة عنده هي :
-        عدم نقصان رصيد الموارد الطبيعية على مدى الزمن يصاحبه التحسن في المؤشرات للرفاه مثل الدخل والتعليم والصحة والحريات الأساسية.

قمة العالم للتنمية الاجتماعية (WSSD-World Summit for Social Development) التي عقدت في عام 1995 وحضرتها وفود من (186) دولة بالإضافة لـ(117) من رؤساء الدول والحكومات العالمية ظهر مفهوم إزالة الفقر كمحور أساسي للتنمية في المستقبل.

فكما قررت القمة(ازلة الفقر):
-        ضرورة أخلاقية واجتماعية واقتصادية للعنصر البشري

فنمزج هذا المفهوم مع مفهوم التنمية المتواصلة يتولد لدينا مفهوم مميز للأخيرة تحمل مصطلح التنمية البشرية المتواصلة
-        (SHD : Sustainable Human Development)

-        من خلال تقريرها السنوي عن التنمية البشرية (Human Development Report)

فقامت هيئة برنامج التنمية للأمم المتحدة UNDP بطرح توضيح لمفهوم التنمية البشرية المتواصلة بأنها:
-        عملية تقود إلى اختيارات أفضل في مجالات الصحة والتعليم وإلى مستوى معيشي لائق وحرية واحترام متبادل مع الآخرين(مصدر بالهامش UNDP عن SL, SHD).

ورغم أن عنصر المحافظة على البيئة لم يظهر بشكل واضح في هذا المفهوم ولكنه متضمن لمستلزمات التنمية البشرية .
-        وقد تبنت UNDP فيما بعد مصطلح تواصل أو استدامة أسباب المعايش (Sustainable Livelihoods(SL)

على شكل متناسق مع المصطلح السابق SHD ، وطرحت تعريف (أسباب المعايش) بأنها:
-        كافة الأصول والأنشطة والحقوق المخولة للناس والتي يستطيعون عن طريقها تحقيق ما يلزم معيشتهم .

ومن المهم جدا التعرف على مفهوم (الأصول Assets) في هذا التعريف لأنه مفهوم جديد ومميز ويشمل وفقا لـ UNDP موارد طبيعية مثل الأرض وموارد عامة ومؤسسات:
-        اجتماعية (الجماعة ، الأسرة ، وشبكة العلاقات الاجتماعية)
-        سياسية (المشاركة وتفويض السلطة)
-        إنسانية  (التعليم ، العمل ، الصحة ، والتغذية)
-        مادية (الطرق، المستشفيات ، الأسواق ، المدارس ، الجسور)
-        اقتصادية  (الوظائف ، المدخرات والائتمان)

مع استدامة أسباب المعايش SL تصبح بهذا الشكل دالة على الكيفية التي يستخدم بها الناس مجموعة الأصول لديهم في الأجل القصير والأجل الطويل.
والإشارة هنا لمساهمة  فكرية كان لها السبق في إبراز العلاقة السببية بين الفقر والبيئة فقد لفت (Meadows and Others 1974) الأنظار إلى أن التدهور البيئي يرجع إلى الفقر وسوء التغذية والبنية الأساسية لعالمنا.

الباب الثاني :

المفاهيم الوضعية للتواصل .. تعقيب ورؤية إسلامية


من العرض السابق ، نجد أنفسنا أمام مصطلح وضعي جديد وهو (التنمية المتواصلة) ، ومفاهيم متعددة في كل واحد منها الرؤية لماهية هذه التنمية و أهدافها , فهذه الرؤى المتعددة متفقة ببعض الأمور ولكنها تتباين فيما تذهب إليه.

-        نتساءل ماهو الجديد فيما بين مفهوم التنمية المتواصلة ومفهوم التنمية الاقتصادية الذي ساد الفكر الوضعي بلا منازع واستمر لغاية سبعينيات القرن العشرين؟
-        إن الجديد يتمثل بلا شك في مفهوم (التواصلSustainability
-        إلى أي مدى يتسبب هذا في اختلاف أهداف التنمية وآلياتها؟

الأدبيات الإسلامية في مجال التنمية الاقتصادية أظهرت فيما قبل انتشار مفهوم التنمية المتواصلة الرفض للمفهوم الوضعي ، حيث ارتبط هذا المعنى في اغلب النظريات والنماذج من خلال تحقيق الأهداف المادية البحتة من خلال التغيرات الهيكلية مع نمو عناصر الإنتاج بالـ(كم – كيف) وكل ذلك هو مما يؤدي لتحقيق أكبر المعدلات الممكنة لنمو الناتج الحقيقي للمجتمع والفرد .

وهذا الرفض من منظور إسلامي لم يكن بأي حال قائم على رفض الأهداف المادية المرجوة من عملية التنمية بل على رفض المنهجية الوضعية المعترف بأهداف غير مادية للتنمية وبضرورة تلازمها مع الأولى مما يستدعي بالضرورة إجراء تعديلات في الأهداف المادية وكذلك اتباع الآليات المختلفة لتحقيقها سويتا في الواقع العملي .

ولهذا اتجهوا المفكرون الإسلاميون لتعريف التنمية الاقتصادية باعتبار تنمية الإنسان ورقيه من الجهتين :
-        الروحية
-        المادية

وعلى ان تأخذ في الاعتبار الدور الرئيسي للإنسان من بين:
-        عناصر الإنتاج المختلفة
-        عدالة المشاركة في النشاط الإنتاجي
-        عدالة المشاركة في الناتج الحقيقي للمجتمع

وكل ذلك في إطار الشريعة والقيم العقدية الإسلامية , لهذا كان هناك فجوة تفصل بين المفهوم الإسلامي للتنمية الاقتصادية والمفهوم الوضعي الذي كان سائدا .
-        هل يؤدي مصطلح التنمية المتواصلة في الفكر الوضعي لتقليل هذه الفجوة ، ولأي مدى؟
-        أم أنه قد لا يؤثر فيها؟

فإذا كانت الفجوة بين هاتين المفهومين عرضة للتصاغر فإن نقطة تقارب سوف تكون متوقعة بينهما ، وخلافا لذلك سيبقى الأمر على ما كان عليه وربما تزداد الفجوة اتساعا.
وأن إرفاق مفهوم  (التواصل) بالتنمية في المفهوم الوضعي يفتح المجال للتقارب بين هذا المفهوم الوضعي للتنمية والمفهوم الإسلامي ، ولعدة أسباب نذكرها فيما يلي ، ولكن علينا ملاحظة التقارب بين المفهومين إنما هو تقارب ظاهر في الأهداف التنموية وليس في الدافع لتحقيق هذه الأهداف:
المبحث الاول :
دليل البيئة من القران والسنة النبوية
ان قضية حماية البيئة وهي السبب الرئيسي لخروج مفهوم (التنمية المتواصلة) إلى عالم الوجود فلها أدلة كثيرة في القرآن والسنة والفكر الإسلامي بصفة عامة .

المقصود بالبيئة في الفكر الوضعي هي الطبيعة أو الكون أو الأرض بما فيها من فصائل شتى , وحينما يتكلمون عن المنظومة الحياتية الكونية Ecological System فهي تحتوي كل هذا في علاقات بيئية متشابكة ومتناسقة.

ومن هذا المعنى المرادف للأرض نجد القرآن يؤكد على ضرورة إعمار الأرض :
-        (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) (هود 61)
-        (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) (البقرة 204 ، 205)
وقد جاء معنى إفساد الأرض هنا كاملاً بالمعنى الأخلاقي والمعنى المادي سويتا وهو النفاق مع إهلاك الحرث والنسل.
وذكر المفسرون أن الآية نزلت في شخص اسلم أمام النبي ص وبعد خروجه من عنده مر بزرع فأحرقه وحمر فعقرها. وفي سنة النبي ص  أنه حرم عضاة المدينة وما حولها اثني عشر ميلا ، والعضاة النبات وأنواع الشجر الذي ترعاه الماشية.
وكذلك فإنه لم يسمح بنشاط الصيد إلا خارج المدينة المنورة وحرمها الذي حدد بامتداد أربعة أميال حولها . وهكذا فلقد كانت هناك محمية طبيعية على امتداد أربعة أميال حول المدينة بالنسبة لجميع الأحياء من نبات وحيوان.
أما بالنسبة للنبات والشجر فلقد امتدت المحمية ثمانية أميال إضافية بعد ذلك (أبو يوسف، الخراج، ص 112) . وإحياء الأرض الموات (من أحيا أرضا مواتا فهي له) وهذا من قبيل تحسين البيئة وليس فقط حمايتها .
وأما حماية الكائنات الحية فلقد نهى النبي ص عن قتل حيوان إلا إذا تبين خطورته على حياة الإنسان (كالفئران مثلا وأنواع الحيات أو الثعابين السامة الخطرة) ، ومن قتل طائرا أو حيوانا لغرض اللهو يحاسب من اجله. وأفهمنا النبي ص أن اطعام الطيور والحيوانات مما يزرع في الحقول تعتبر (حسنة) لصاحب الارض.
وفي كلام الله تعالى يدعونا إلى التأمل في جمال ما خلق للإنسان في هذا الكون بشكل عجيب . فهذه المنظومة الحياتية البديعة القائمة على الإيمان بأن الحياة الواقعية لها هدف وغاية وتشملها النهاية والإنسان مستخلف بالأرض وكل ما في الحياة أمانة لديه يتصرف فيها بما يرضي الخالق وليس طمعاً ولا غروراً ولا استكباراً.
ومن سياق الأدلة السابقة لغرض بيان المنظور الإسلامي لحماية الأرض وإعمارها إن هناك تشابه بين الوضعي والإسلامي من بعض وجوه واختلاف من وجوه أخرى . وعلى سبيل التأكيد لدينا أساس وطيد للمصطلح الجديد الخاص بالتنمية المتواصلة لأن مفهومه في الإسلام أوسع من ربطها بحماية الموارد الطبيعية فقط.
ونؤكد على أن تقارب الأهداف في حماية البيئة الطبيعية فيما بين :
-        المفكرين الوضعيين
-        المفكرين الإسلاميين
لا يجب أن يسحبنا إلى الاعتقاد بتقارب الدوافع .
إن مفهوم دعوة حماية البيئة في الفكر الوضعي لم تبدأ إلا بشرط تزايد المخاوف من التلوث مع الاستمرار في إساءة استخدام الموارد الطبيعية أو إهدارها ومن بعدها تصاعد الاحتمال لعدم كفايتها للقيام بحاجة الإنسان بهذا الكون في المستقبل.
فهذه المخاوف قد أصبحت واقع حال على المفكرين الإسلاميين أن يأخذ في الاعتبار ، فنحن جميعا – الوضعيين والمسلمين -  نعيش على كوكب واحد والأخطار التي تهددنا مشتركة.
ولكن حينما نتكلم عن دوافع حماية البيئة وتحسينها من زاوية المنظور الإسلامي لا نقتصر على ردود الفعل الانعكاسية للواقع المعاصر.
فاصبح من الواضح أن الدافع الأساس عند المسلمين هو حماية الأرض التي يعيشون عليها ويأكلون من طيباتها هو الدافع الإيماني. ولم يرد في الفكر الإسلامي القديم خوف ابدا من نفاد استنفاد موارد الأرض وعدم كفايتها للأجيال القادمة.
وليس ثمة هناك ما يدعو لمثل هذا الخوف لدى السابقين والمعاصرين في الفكر الإسلامي . ففي القرآن الكريم آيات من الله تعالى تطمئن عباده أنه قد جعل في الأرض من الموارد ما يكفي لهم جميعا كـ:
-        (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام ... )(فصلت 10)
-        يتكفل برزقهم سابقين ولاحقين كـ(وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)(هود 6)
ولكنه يقبض الرزق ويبسطه كيف يشاء للمؤمن وغير المؤمن فعلى العباد السعي في الأرض لكي ينالوا أرزاقهم . لذا فإن المؤمن في طمأنينة من كفاية ما في الأرض من الموارد له ولغيره ولمن يأتي من بعده من أجيال كـ:
-        (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)(الأعراف - 96)
وهذا الخوف لا يأتي إلا كنتيجة للبعد عن الإيمان بالله تعالى وهذا ما يشعره المفكرين من:
-        الاقتصاديين الوضعيين
-        دعاة حماية البيئة
من حيث يفتقرون إلى هذا الحس الإيماني (ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) (الأعراف - 96).
وهناك دليل على أن المخاوف الوضعية الحالية من خلال الاحتمال من نفاد الموارد الطبيعية لاتتوقف على قضية التدهور البيئي بل بالأصل ناشئة عن عدم الإيمان بالله تعالى أو ضعف إيمان فيما قدّره الخالق عز وجل للكون.
دليل تجده في افكار:
-        دافيد ريكاردو D. Ricardo وصديقه مالتوس R. Malthus
في بداية القرن التاسع عشر ، اعتقد الأول (دافيد ريكاردو) في (شح الطبيعة) كما أكد الثاني (مالتوس) على أن الموارد الطبيعية الخاصة بغذاء الإنسان لا يمكن النمو بمعدل نمو الإنسان وثم حذر من المجاعات والأوبئة التي تعصف بحياة الناس وبالحروب التي يلجأ إليها البشر لحل مشكلة أعدادهم غير المتناسبة مع الغذاء.
وهذا الفكر جاء في زمن كانت الطبيعة انذاك ما زالت بعيدة كل البعد عن التلوث المعروف في عصرنا الحاضر.
من ناحية أخرى ظهرت دوافع وضعية تتحلى بطابع أخلاقي في مجال حماية البيئة ربما فيها وجه نظر مع الدافع الإيماني في الإسلام ولكنها مع ذلك انحرفت عن هذا الدافع في وجوه أخرى .
مثال ذلك ما يقوله أحد المتحمسين في الدفاع عن الطبيعة
-        (Chris Maser.1998,p.9)
الذي يدعي أنه هناك نوعين من التفكير عند الناس:
-        الاول نوع مادي بحت لا يرى في الحياة سوى إشباع الحاجات المادية والرغبات فقط.
-        الثاني نوع يؤمن بأنه حياته في الأرض هي مرحلة ومن بعده سوف تأتي الأجيال يهمه أمرها ، و(النوع الثاني) ليس حاكما مستبدا في هذا الكون وإنما هو أمين عليه ، فما في هذا الكوكب الأرضي أمانة عنده لا بد أن يستخدمه على نحو يسعده ، ويسعد غيره من حوله ومن بعده .
ويقر بقوله أن الناس في البلدان المتقدمة (المعاصرة) أصبحوا جميعهم من النوع الأول وهذا الخلاف لأجيال سابقة كانت حريصة على الطبيعة من حولها.
وهذا الفكر يحمل في داخله بقايا فكر أخلاقي ديني موروث من الأجيال السابقة . ومع ذلك ظهر انحرافه من خلال الفهم حينما نجد نفس المفكر:
-        (الذي ذهب به الأمر للاهتمام بالطبيعة وكائناتها الى حد المطالبة بإصدار قوانين لتحرير الطيور وأسماك الزينة مع مراقبة سلوك الحيوانات حتى نستفيد منه ) فينادي بالتنظيم للأعداد البشرية فيقرر:
-        Chris Maser, p.13 (هناك طاقة احتمالية للأرض ولكي نساعدها على البقاء بحالة صالحة قادرة على تجديد طاقتها الإنتاجية التي تعتمد عليها حياة البشر فلا بد من تنظيم الأعداد البشرية ، ويقول أن المقصود بالأعداد البشرية هو طاقة حضارية لا بد أن تكون متوازنة مع الطاقة الطبيعية الموجودة في الأرض وأننا إن لم نحفظ هذا التوازن سنعمل على إهلاك الأرض).
وصل المفكر الوضعي كما وصل إليه (مالتوس) قبل أكثر من 150سنة. والعجيب كيف يتم الدفاع بقوة عن قضية المحافظة على جميع:
-        الحيوانات والطيور والكائنات الحية الموجودة في الأرض وتركها حرة وعدم المساس بها.
-        عدا (الإنسان) الذي يرون تزايد أعداده يمثل تهديداً للأرض وتوازنها ؟
أي نوع من الانحراف في الفكر هذا .. وسوف يتبين تدريجياً كيف أن الفكر الوضعي بخصوص مسالة التنمية المتواصلة يقوم على أهداف بلا دوافع قادرة على حملها محمل التنفيذ والجد.
المبحث الثاني :
الأثار لمفهوم التنمية المتواصلة وقضية عدالة توزيع الموارد الطبيعية بين الأجيال المتعاقبة؟
الجيل الحاضر لا يفكر في مصلحته الشخصية بل في مصلحة جيـل أو أجيال تأتي من بعده. واما عدالة توزيع الموارد الطبيعية على مدى الأجيال الحالية والقادمة (تعني أن من هو موجود الآن على هذا الكوكب الأرضي لن يسرف في استهلاك موارده أو يسيئ استخدامها لئلا يسبب ضائقة أو مشكلة لمن يأتي بعده).
فهذه مسألة أخلاقية مثالية عالية لم يسبق إثارتها إطلاقا في الفكر الوضعي وغريبة عليه، وهي مختصة بتعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان على مدى الأجيال القادمة من باب العدل . وهي طبق اهداف الإسلام دعوة إلى التواصل بين الأجيال ولكن الفرق بينهما على أساس (الإيمان) وليس مجرد قاعدة (البشرية - الإنسانية) كما سماها بعضهم.
فينبهنا القرآن في مواقع عديدة إلى ذلك بقوله تعالى:
-        (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم...... وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم) (سورة الجمعة ، 1-3)
-        (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان...) (الحشر 10)
ونؤكد بأن القاعدة الإيمانية المنبثقة من العقيدة الإسلامية (عقيدة ال محمد) هي أساس التواصل والتعاطف بين الأجيال المتعاقبة، وهذا يختلف عن قاعدة:
-        الدافع الإنساني Humanitarian Motivation
-        دافع العدل عدالة توزيع الموارد الطبيعية بين الأجيال المتعاقبة
وهما دافعان لموضع اختلاف آراء الوضعيين ليس في فهمهما فقط  بل في كيفية تحقيقهما ودافع التواصل بين الأجيال لم يمنع دعاة التنمية المتواصلة من المطالبة بتنظيم الأعداد البشرية.
فهل ان مفهوم التعاطف مع الأجيال القادمة ليصبح من حق الجيل الحاضر أن يحدد أعداد الجيل القادم بناء على اعتبار مادي بحت وخاصة بموارد الطبيعة واحتمالات عن مقدراتنا على إنتاج ما نحتاج اليه في المستقبل؟
المبحث الثالث :
-        طرح قضايا أخلاقية وثقافية جديدة للاستهلاك والإنتاج
ان قضية حماية البيئة والاعتدال في استهلاك الموارد البيئية (وخاصة غير المتجددة) قد اظهرت قضية أخلاقية وثقافية جديدة بالنسبة للاستهلاك والإنتاج , فالاعتدال في استهلاك الموارد البيئية بدوره يستدعي بالضرورة والملازمة تغير أخلاقيات أو سلوكيات المستهلكين والمنتجين .
لحد الان استهلاك الفرد مرتبط في الفكر الوضعي من خلال:
-        الرغبات اللامتناهية Unlimited Wants واللذة أو المتعة الخاصة الناجمة من إشباع الرغبة .
أما الاستهلاك تحت مظلة حماية المنظومة البيئية فلا بد أن يكون معتدل وربما كان من الضروري أن يكون بسيطا أو قنوعا كما عبر عنه البعض, وأما المنتج لأي سلعة كانت أو خدمة فينتج كميات أكبر أو أصغر على أساس آليات الأسعار ومؤشراته الربحية الخاصة ، فجميع حساباتهم تتم في أطار نقدي محض.
وفي النصف الأخير من القرن العشرين تطور الفكر الوضعي ففرق بين الربحية الخاصة والاجتماعية ووضح أن التكلفة الحدية الاجتماعية قد تكون أكبر من التكلفة الحدية الخاصة ، ولكن بقي التطبيق لهذا الفكر والانتفاع به من الجانب العملي محدود وضيق ، وكان مرهون بـ:
-        اعتبارات عديدة لمصالح فردية خاصة
-        القوانين والسياسات المالية والقوة السياسية الحاكمة
أما ضمن مفاهيم التنمية المتواصلة فيلزم الأمر الابتعاد عن مؤشر الربح الخاص في حال تعارضه مع المنظومة البيئية , ومن الضروري التدقيق والتشدد لمواجهة أي نشاط اقتصادي يرتبط أو يؤدي لتكلفة اجتماعية مرتفعة ينجم عنها التدمير أو الإهمال أو الإساءة في استخدام البيئة في الأمد القصير أو الطويل .
فالحسابات النقدية في الفكر الجديد ليست هي كل شيء ولا تعتبر هي الأساس ، وهو الأمر المتوقع منه أن يؤدي لضرورة تقبل فكرة خفض معدلات النمو الاقتصادي.
ومن جهة الإسلام نجد ان سلوك الاستهلاك معتدل فلا يحرم على الفرد المتعة الخاصة من الاستهلاك ولكن يتعامل معه على ترشيد هذه المتعة (الخاصة). فأحل الإسلام الطيبات وحرم الخبائث وأمر بالتوسط بين الإسراف والتقتير(امر بين امرين).
وحمَّل المؤمن القادر على المسؤولية إعالة أهله مع رعاية أصحاب الحاجات , فخرج بذلك الحسابات النفعية في الاستهلاك من دائرة الحسابات الخاصة إلى فضاء الحسابات الأسرية والاجتماعية .
فان مشكلة الرغبات اللامتناهية لم تكن أبدا متمثلة في عقل المؤمن ولا تنعكس في سلوكياته إلا بقدر ما بسيط من إيمانه.
والسلوك الإنتاجي للمسلمين فإنه ينضبط :
-        وفقاً لسلوكهم الاستهلاكي عن طريق آلية سوق تنافسي خالص
-        ثم يتحدد هيكل النشاط الإنتاجي وفق الأسعار النسبية المعبرة عن الرغبات الاستهلاكية الرشيدة
والمنتج المسلم غير ممنوع من السعي لغرض تحقيق الربح أو حتى لتعظيم ربحه , طالما هو (المسلم) عمل في سوق تنافسي وابتعد عن أي سلوك أو معاملة أو عقود محرمة شرعا (كالغش والغبن والربا والاحتكار وهضم الحقوق).
ولكنه مطالب عقائديا بأن لا يقيم نشاطه بهدف الربحية الخاصة فقط , بل مع الربحية الاجتماعية وفي حالة التعارض مع الربحية الخاصة يكون لها الأولوية عليها.
وتفسيره في عقيدة الاستخلاف وتعني أن إمكانيات الإنتاج لدى المسلم (رأس مال -موارد طبيعية -إمكانات تقنية وغيرها) هي كالأمانة عنده يستخدمها برشد في إطار الشريعة والعقيدة الإسلامية المقدسة لمصلحة الجماعة بدون إهمال لمصلحته الخاصة مع الأخذ بمصلحة الجماعة بالاعتبار وعدم التهاون فهناك التوازن بين المصلحتين:
-        المصلحة العامة
-        المصلحة الخاصة
فلا بد أن يأخذ المنتج الفرد في الاعتبار  المصلحتين، وفي حال ظهور اختلال في التوازن لصالح المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة فجهاز الدولة يكون مسؤول عن هذا الاختلال.
وعلى هذا فالدعوة إلى الاعتدال في الاستهلاك ضمن إطار التنمية المتواصلة تتفق مع سابقتها في الاقتصاد الإسلامي ولكن يبقى الاختلاف في مفهوم هذا الاعتدال والدافع إليه , فالدعوة في مفهوم الفكر الوضعي نشأت بسبب الخوف من نفاد الموارد الطبيعية ضمن إطار الإسراف في الاستهلاك (الرغبة اللامتناهية المرتبطة بالمتعة الخاصة) بينما في الفكر الإسلامي مرتبطة بالدعوة  للتهذيب وتزكية النفس الإنسانية لأنها لم تخلق  لغرض إشباع الشهوات والمتعة للجسد فقط ، بل لعبادة الخالق (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) . اذا فالدافع إلى الاعتدال في الاستهلاك بالإسلام لا علاقة له أصلا بقضية الخوف من نفاذ الموارد الطبيعية .
-        المبحث الرابع:
قضية الفقر (أسباب المعايش SL - التنمية البشرية المتواصلة SHD)
تثير قضية الفقر المنتشر في غالبية بلدان العالم النامية إشكال فكري لدعاة التنمية المتواصلة , فالتواصل في التنمية يستدعي حماية الموارد البيئية والفقر يتعارض مع هذه الحماية , وهدف إزالة الفقر أمر لا يمكن تجاهله والتهاون فيه.
الفكر الوضعي جاء بحل عن :
-        مفهوم التنمية البشرية المتواصلة SHD
-        مفهوم استدامة أسباب المعايش SL
وهذين المفهومين المتقاربين والمتداخلين برزت قضية العمل على إزالة الفقر من خلال:
-        تنمية الإنسان
-        الحفاظ على الموارد البيئية
مع ملاحظة أن الأخيرة (تحت إطار المفهومين) لا تقتصر على الموارد الطبيعية وإنما على كافة أشكال الأصول أو الموارد الملازمة لاستدامة حياته الصحية بكل الجوانب السياسية و الاجتماعية و العائلية.
فهذا التطور في فكر التنمية ملفت للنظر منذ أن بدأت الصلة تنقطع بين:
-        علم الاقتصاد الوضعي
-        علوم الأخلاق والاجتماع والسياسة
في القرن الثامن عشر الميلادي ، من أسهم في الاقتصاد الإسلامي أن هذا العلم منذ البداية قد قام على أسس فلسفة هي أن الإنسان محور الحياة في الأرض والارتقاء به هو الهدف الأسمى وعدم الفصل بينهما (الجانب الاقتصادي والجوانب الأخرى لحياة الإنسان) .
فالإنسان والمجتمع ، جسم واحد حي لا يمكن ان تدعي بعلاج جزء منه مع ادعاء عدم وجود الجزء الأخر أو دعوى أنها غير متبادلة التأثير والتأثر.
والاقتصاد الإسلامي لم يعرف منذ البداية هدف من الأهداف الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أهمية أكثر من محاربة الفقر لغرض التخلص منه لانه سبب لاكثر المشاكل التي تصيب الإنسان فرد أو مجتمع.
-        مفهوم التنمية البشرية المتواصلة
-        مفهوم أسباب المعايش المتواصلة SL
من أقرب المفاهيم لتلك المعاني التي اجتهد الاقتصاديون الإسلاميون المعاصرون في وضعها للتنمية . ولكن علينا الانتباه ان اقتراب مثل هذه المفاهيم الوضعية من المفهوم الإسلامي لا يعني أبدا تطابقها.
والدافع لإزالة الفقر في الإسلام مرتبط من الناحيتين الشرعية والعقائدية بواجب العطف وبذل العون وإكرامه:
-        (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) (إبراهيم 34)
وخلق الله تعالى الإنسان بأحسن تقويم ثم رده بعد ذلك إلى أسفل سافلين (المعنى في سورة التين) , وأما مرحلة الخلق فشهدت الكرم الرباني في أسمى الصور.
فالدافع الوضعي لإزالة الفقر متحرك من منطلق التحذير من آثار الفقر على المنظومة الحياتية البيئية.
-        فالفقر يؤثر سلبا(Meadows & Others 1972)
على الموارد البيئية المتاحة للعالم ويسهم في تلوث البيئة ومن بعدها دخل في اهتمام الناشطين بالتنمية المتواصلة . ولا نقول أن النظرة الإنسانية وما لها من تعاطف مع الفقراء قد انعدمت في الفكر الوضعي، ولكن نقول:
-        هذه النظرة تخرج من عيون ملئها حب الماديات فأصبحت رهينة ومنقادة لها.
اذا فأين العطف على فقراء العالم من قبل الدول المتقدمة التي تخلت جميعها بإستثناء حالة أو حالتين عن هدف مساعدة الدول النامية الفقيرة في واحد من المائة ، ثم بنصف في المائة من دخلها القومي ؟
ان دوافع التنمية البشرية المتواصلة أو أسباب المعايش المتواصلة مادية بحتة وأقرب مثال هو التحذير من التصنيع الحديث في الصين ولكن يغضون النظر عن الولايات المتحدة ، وهي أكبر دولة ملوثة للبيئة على المستوى العالمي.

الباب الثالث:
مستلزمات التنمية المتواصلة:

الإسهامات النظرية في الفكر الوضعي ودور الفكر الإسلامي
بلا شك قضية التنمية المتواصلة أثارت قضايا إنمائية عديدة في إطار حماية البيئة ، تختص بالاستهلاك والإنتاج والتوازن فيما بين:
-        حقوق الأجيال المتعاقبة في موارد الأرض
-        والتعاون بين الدول وضرورة إزالة الفقر من الدول النامية
ولكل واحدة من هذه القضايا مستلزمات اقتصادية وغير اقتصادية ، ولا ندعي أننا سنتعرض لكل الإسهامات الوضعية في هذا المجال بالتفصيل بل لانشير لها إجمالا لغرض بيان جوهرها ، ليكون لنا بعد ذلك تعقيب على مدى قدرة علم الاقتصاد الوضعي على التنظير لهذه المستلزمات ودور الافكار الإسلامية وقدرتها على المواجهة.
المبحث الأول:
اليسير من مستلزمات التنمية المتواصلة له مدخلية في الاعتدال (استهلاك الموارد الطبيعية) وبالخصوص تلك القابلة للنفاد , وهذا بدوره يستدعي تغير بأخلاقيات أو سلوكيات الاستهلاك , والطلب على الموارد الطبيعية ليس هو إلا طلب مشتق من طلب على السلع والخدمات الاستهلاكية .
السلوك الاستهلاكي الخاص في الفكر الوضعي مرتبط بالمنفعة وهي منشأها المتعة أو اللذة الخاصة الناجمة عن استهلاك الإنسان للسلعة أو الخدمة.
والتنظير الاقتصادي دائما متجه إلى أن المستهلك الرشيد يحقق توازنه حينما يحقق أقصى إشباع ممكن في حدود دخله الحقيقي المتاح .
النظرية قد افترضت عدم وضع أي حدود على الرغبات الاستهلاكية (Unlimited wants) ، والرفاه الاقتصادي للمستهلك عموما متعلق بتحقيق أقصى قدر من الرغبات.
واما القول بالاعتدال أو التوسط أو القناعة في الاستهلاك لذلك أمر مثالي Normative فهو يستدعي تنظير جديد مختلف عما سبق.
والبعض من الناشطين لحماية البيئة والتنمية المتواصلة يدعون إلى مستوى متواضع من حالة الإشباع عن طريق الاستهلاك المادي بشرط أن يتم تعويضه بمزيد من الإشباع غير المادي كالتمتع بـ:
-        (أوقات الفراغ -العلاقات العائلية -الاجتماعية -الصدقات -تنمية المواهب)(During, A, 1992)
ويرى البعض أن هذا النوع الاستهلاكي ضروري لكي تصبح الحياة أكثر بهجة ويزداد الرفاه.
ويرى البعض الاخر:
-        أن الاعتدال في الاستهلاك معناه العمل على إشباع الحاجات الأساسية Basic Needs (مثل الطعام والإسكان والطاقة والصحة والتعليم)
فكيف نوازن هذه الرؤية السابقة مع :
-        الرغبة في السمو بنوعية الحياة  Quatity of lifeوالحفاظ على توازن المنظومة البيئية (M. Hoff. 1999)

المبحث الثاني :
تغيير السلوك الاستهلاكي للفرد
لتغير السلوك الاستهلاكي الفردي إلى مايلائم التنمية المتواصلة قد تكون له انعكاسات مباشرة على سلوكيات النشاط الإنتاجي , فعمل المنتجون باستمرار في اقتصاديات السوق لإشباع الطلب للمستهلكين على وفق آليات للأسعار نسبية والهدف منه تحقيق الربح.
عمل الرواد من المنظمين (رجال الأعمال) على إنتاج سلع جديدة يتوقع من المستهلك الإقبال عليها, فمع كل نجاح في تسويق المنتجات الجديدة فان هيكل الطلب الاستهلاكي يتغير فيتحصل ان نشاط هؤلاء المنتجين يتسع والأرباح تتزايد ، والنمو الاقتصادي مستمر ومتسارع.
صحيح أن دورة الكساد كانت تعترض لدورات الرواج ولكن الاتجاه العام في الأجل الطويل واضح جدا فله علاقة قوية بين نمو الاستهلاك ونمو الإنتاج تحت منظور التجديد أو الابتكار وما سيؤدي من تغيرات هيكلية على مدى الأجل الطويل.
ولحد الان تثير مستلزمات التنمية الاقتصادية في جانب الاستهلاك المخاوف لعديد من أصحاب الأعمال في الدول المتقدمة ، وبالخصوص العاملين في النشاط الصناعي وهذا بـ:
-        طبيعته مستهلك رئيسي للموارد البيئية الطبيعية
-        مصدر رئيسي للتلوث البيئي
التنمية المتواصلة سوف تستلزم وضع توقفات على النشاط الإنتاجي للسلع أو الخدمات الإنتاجية تكون هي الأكثر استهلاك للموارد الطبيعية وبالخصوص القابلة للنفاد.
وتستلزم عدم تقديم لأي سلع أو خدمات جديدة تكون سبب استهلاكها هو الإضرار بالبيئة. ويستلزم هذا الرضا بما لدينا من الأنماط الاستهلاكية ، فلا تغيير في هذه الأنماط بشرط وجود ابتكار حضاري يتماشى مع الأهداف التنموية المتواصلة أي بمعنى أنه ابتكار يوفر الاستهلاك للموارد البيئية أو هو ابتكار يحمل المنفعة الحقيقية للمستهلك في السلعة أو الخدمة وليس مجرد هي منفعة شكلية المصود منها إثارة رغبة التجديد للتجديد في نفسية المستهلك.
اهتم المنتجون في عقد القرن العشرين ولحد الآن بشكل ملحوظ بـ:
-        الإنتاج الكبير Large scale unit
-        وبالوحدة الإنتاجية الضخمة Mass Production
آخذين في الاعتبار انخفاض متوسط التكلفة الكلية (أو في التكلفة الحدية) للسلعة المنتجة ولم يأخذوا في اعتبارهم الآثار المباشرة وغير المباشرة لهذا النمط الإنتاجي على البيئة من جهة استهلاك الموارد بمعدل أكبر وتلوث بشكل متزايد (الدخان والغاز المصاحب لعملية حرق الطاقة وتصريف المخلفات للعملية الإنتاجية في المياه أو في التربة).
لم يأخذ في الاعتبار مخلفات الاستهلاك للسلع أو الخدمات وتأثيرها الضار المتراكم على البيئة و:
-        كمرحلة أولى من خلال مستلزمات التنمية المتواصلة على المنتجين أن يبدوا الاستعداد للتعاون مع المجتمع , لغرض تقليل الآثار المباشرة وغير المباشرة الأكثر ضررا على البيئة .
-        من المتصور أن مستلزمات التنمية المتواصلة من المنتج سوف تتزايد كمرحلة تالية ليس فقط من أجل هدف حماية البيئة بل من أجل تحسينها.
المبحث الثالث :
مستلزمات التنمية المتواصلة التي تقع مسؤولياتها على الحكومة
هناك مستلزمات للتنمية المتواصلة بلحاظ الأعمال العامة التي تقع مسؤولياتها على الحكومات , وذلك أن بعض المشروعات العامة الضخمة التي اعتبروها في الماضي بمثابة إنجازا غير عادي مثل:
-        السدود المائية الضخمة
-        طرق الري المرتبطة بها
اتضح أن لها الآثر الضار على البيئة الطبيعية في الأمد البعيد ؛ لذلك يصبح من مستلزمات التنمية المتواصلة التي تقع على الحكومة أن تحسب الاعتبارات البيئية في دراساتها لاهمية هذه المشروعات بجانب الاعتبارات الاقتصادية.
كمثال كيف يمكن أن تكون مشروعات الصرف الصحي الضخمة على مستوى الدولة نافعة للبيئة بدل أن تكون مدمرة لها؟
ومثال اخر كيف يمكن للمشروعات السياحية الضخمة على الشواطئ الاسهام في تحسين البيئة بدل أن تتعدى حدود الطاقة الاحتمالية لها فتتسبب في تدميرها على مدى الأجل الطويل.
ويقع على عاتق الحكومة والمجالس المحلية من خلال مستلزمات التنمية المتواصلة كوضع سياسة عامة وآلية لغرض التخلص من التلوث البيئي.
هناك مسؤولية في مجال التخلص من التلوث تقع على المواطنين والمنتجين في قطاع الصناعة مثل :
-        تنظيم عمليات التخلص من مخلفات الاستهلاك من العوادم الصناعية الضارة بشكل صحي وجيد.
-        عملية تدوير للمخلفات الاستهلاكية اثناء العملية الصناعية .
-        الاستخدام غير الصحي للمبيدات الحشرية والكيماويات الخطرة في الزراعة.
-        مشروعات سياحية تحقق الأرباح الهائلة ومع ذلك مدمرة وضارة على البيئة.
وآليات السوق الحرة عاجزة إلى الآن عن إيقاف الآثار الضارة لمثل هذه النشاطات الإنتاجية على البيئة وبالتالي المسؤولية تقع على الحكومة في وضع الخطط والسياسات والآليات اللازمة لحماية البيئة ودعمها بالسبل القانونية المناسبة مع مراقبتها في التنفيذ وتوجيه الأفراد ومساعدتهم على الاستجابة.
المبحث الرابع :
خطورة التلوث البيئي
يتصور بعض المفكرين أن التلوث البيئي قد بلغ فعلا مستوى الخطورة وعلينا مواجهته بشكل فاعل دون تأخير فعلى ذلك فالأولوية في متطلبات التنمية المتواصلة يجب أن تكون:
-        للصحة البيئية والبيولوجية للعالم
-        وليس للصحة الاقتصادية والاجتماعية (Chris Maser, 1989, p8)
فهو يستلزم تعهد أبناء كوكب الأرض بأزالت كافة أنواع تلوث الهواء والتربة والماء بعيدا عن التكلفة الاقتصادية والسياسية .
وذلك يكون من خلال ميثاق أخلاقي يشتمل على احترام لكافة أشكال الحياة الطبيعية مع الحفاظ على البيئة في أحسن وضع ممكن لمن يأتي من الأجيال في المستقبل ، وهذا:
-        يستلزم وضع الحدود على المطالب الحاضرة من الموارد البيئية
-        يستلزم أيضا عملية تنظيم نمو الأعداد البشرية
-        يستلزم إعطاء المكانة الاجتماعية والفرصة السانحة للنساء في مجتمعاتنا
The world’s human population will begin to decrease and stabilize at a sustainable level when and only when women can findself- esteem and social value through equal opportunities to be useful in their respective secieties beyond the stereotype of male –envisioned montherhood. To this end, women must have guaranteed social rights and individual choice equal .to that of men in all aspects of their daily lives (Chris, Maser, p. 13, 14)”

المبحث الخامس :
ارتباط التنمية المتواصلة بأمور (Normative)
لقد ارتبطت التنمية المتواصلة بأمور مثالية (Normative) أو بما ينبغي لها كمثالية, وليس بالواقع أصبحت تتطلب القيم الجديدة البعيدة عن قيم:
-        الحرية الفردية والمنافسة في الأعمال.
والتي لا تقيم وزنا لتك الآثار المترتبة على البيئة أو حتى لاختيارات الآخرين.
لذلك فإن شرط تحقيق التنمية المتواصلة مستلزم التمسك بقيمة:
-        التعاون Co-operation بين الأفراد
من خلال حصول اتفاق جماعي بين أفراد المجتمع على الأسس الديمقراطية لغرض تحقيق الأهداف المرجوة (Sale, K.1985) .
وبهذا الإطار فـ:
-        الحقوق المدنية Civil Rights
-        الحقوق الأساسية للإنسان Fundamental Human Rights
ستظل محل احترام ولكن توظيف الملكية الخاصة سوف يخضع بدرجة أو بأخرى لموافقة الجماعة.
فيصبح من الضروري:
-        تنمية الوعي conscientization العام
لدى جميع الناس لكي يغيروا السلوك المادي وهو المتمثل بإشباع المتطلب الفردي والتصرف بحرية في الملكيات الخاصة باتجاه السلوك المعتدل الذي يتفاعل ويتقبل وضع القيود على هذه المتطلبات وعلى حقوق الملكية الخاصة لكي يتفاعل بشكل إيجابي مقرون بالرغبة في الارتقاء بالحياة الاجتماعية وتفضيل الصالح العام وتحقيق العدالة (Daly & Cobb 1989) .
المبحث السادس :
التنمية البشرية المتواصلة SH D
بالنسبة للتنمية البشرية المتواصلة SH D أو بمعنى تواصل أسباب المعايش SL فهناك مجموعة من المتطلبات التي تجمع ما بين هو لازم :
-        إزالة الفقر وحماية البيئة في آن واحد
-        إزالة الفقر عدم التعدي على المنظومة البيئية
-        حماية البيئة في مجال تواصل أسباب المعايش
هذه المتطلبات  دارت حول محور تنمية الإنسان بما يجعله قادر على استخدام الموارد المتاحة لرفع مستوى المعيشه بشرط عدم التعدي على المنظومة البيئية .
من خلال تواصل أسباب المعايش SL اصدرت الأمم المتحدة (UNDP, SL, 1999. P.3) تحديد المستلزمات بما يتضمن:
-        ألف) قدرة الإنسان (رجال ونساء) على مكافحة الصدمة القاسية الناجمة عن الأحداث غير العادية التي تصيب المجتمع (مثل الجفاف أو الحروب الأهلية .. إلخ) واسترداد حالة النشاط العادية من خلال استراتيجيات ملائمة.
-        باء) الفعالية الاقتصادية Economic Effectivess التي تتمثل باستخدام الحد الأدنى من المدخلات inputs لإنتاج مخرجات outputs معينة
-        جـيم) القدرة على الاستخدام السليم والصحي للموارد الطبيعية هو يؤكد من جهة حصول الأنشطة اللازمة للمعيشة على حاجاتها، وعدم التسبب في تدهور الموارد الطبيعية في إطار المنظومة البيئية من جهة أخرى.
-        دال) العدالة الاجتماعية ، التي تعني على سبيل الاقتراح ، أن زيادة فرص المعيشة لجماعة ما داخل المجتمع لن تتسبب في الحجر على الفرص المتاحة لجماعات أخرى حاضرا أو مستقبلا
وتلاحظ أن المطلبين (ألف) و (باء) بخصوص التنمية للقدرة الاقتصادية من خلال التنمية عموما بينماالمطلبين (جـيم) و (دال) بخصوص مفاهيم التنمية المتواصلة بشكلها المباشر.
المبحث السابع :
المستلزمات السياسية لطبيعة ونوع الحكومات
اثيرت مسالة المستلزمات السياسية التي تخص طبيعة أو نوع الحكومات التي يمكنها تحمل مهام التنمية المتواصلة في مؤتمر ريودي جانيرو 1992م .
فالحكومات التي تستطيع تحمل الالتزام الخاص بالتنمية المتواصلة لا بد لها أن تتصف بطبيعة خاصة من حيث القوة والديمقراطية لكي تتصدى لدور رعاية وحماية المصالح البيئية على المستويين:
-        المستوى المحلي الوطني
-        المستوى العالمي
لكي تعمل على تحقيق التنمية البشرية ونثير هنا متطلبات عديدة مثل:
-        مسؤولية التخطيط في مجال استخدام الموارد الطبيعية
-        مسؤولية المراقبة في مجال استخدام الموارد الطبيعية
-        دور وفعالية (المنظمات - الجمعيات الأهلية) بالقيام بمبادرات في مجال (التواصل) بالتعاون مع الحكومة
وكيف تتمكن الهيئات الحكومية والمؤسسات الأهلية التطوعية والتي لا تعمل لأجل الربح للاندماج بينهما فتتخذ القرارات المناسبة للتنمية المتواصلة على:
المستوى المحلي (الدولي) (Khinduka, 1987, lele, 1991).

الباب الرابع:
هل يستطيع علم الاقتصاد الوضعي التجاوب (مجال التنظير) مع مستلزمات التنمية المتواصلة؟
علم الاقتصاد الوضعي يتصف بالواقعي أو إيجابي Positive وهذه الصفة يطرحها المدافعون عنه ليثبتوا انتماءه للواقعية والايجابية أو عدم اختلافه مع القواعد العامة للعلوم Sciences .
في حالة الاهتمام بفرضية مثالية Normative فلا يتم ذلك إلى حين تتم البرهنة بالاختبار العملي Empirical test على صلاحيات خدمة الواقع.
والمتمسكين بهذا المنطق يؤكدون بأن:
-        القضايا الأخلاقية أو القيم المثالية لا علاقة لها بالتحليل الاقتصادي.
برغم انتشار هذه الموجة الفكرية وسيطرتها على علم الاقتصاد لكنها تعرضت للنقد الشديد من البعض (Chaprs , U, 2000, p24, 25 , 130)
فالنظرة إلى ما ينبغي What ought to be لا غنى عنها حينما يبنى بالاختلال وبدون رؤية فيصبح الواقع مختل ولا ينبئ إلا بمزيد من الاختلال ومحتاج لرؤى مثالية عن الكيفية لإجراء ما يلزم من تغيرات جذرية لإصلاحه.
اهتم علم الاقتصاد في زمن المدرسة الكلاسيكية من بعد (آدم سميث) بقضية النمو للثروة وكيفية تأثير توزيع الدخل على النمو .. وفصل الأخلاق عن التحليل الاقتصادي وبقي مع ذلك مقتصرا على الاهتمام بالقضايا العامة تحت مسمى :
الاقتصاد السياسي Political Economy
وعند مدخل عصر المدرسة النيوكلاسيكية اخذ ازدياد البُعد لعلم الاقتصاد عن الواقع انذاك حيث ادعى المنتمون لهذه المدرسة الحيادية العلمية التامة :
-        أي تجريد للظاهرة الاقتصادية عن غيرها من الظواهر حتى - كما ادعوا - يتم تحليلها بشكل (علمي) .
وقد عرف علم الاقتصاد في الفترة النيوكلاسيكية باسم الاقتصاد البحت Pure Economics .
بعدها ظهرت المدرسة الكينزية لتثبت (للأول مرة) في تاريخ الاقتصـاد الرأسمالية بعدم قدرة الأسواق الحرة استعادة التوازن من تلقاء نفسها وضرورة التدخل بسياسة مالية ونقدية في حالات الكساد.
ومشكلة الثورة الكينزية لم تتدخل في المعطيات الأساسية للنظام الاقتصادي الحر فبقيت الفلسفة لهذا النظام تدور حول إشباع الحاجات المادية للأفراد .
-        لم تتطور اقتصاديات الرفاه Weffare Economics
في اتجاه تذوق طعم الرفاهية للحياة بجانبها غير المادي أو الروحي جنبا إلى جنب مع الجانب المادي وهذا يعني:
-        مزيد من المصانع
-        مزيد من الأدخنة والغازات الناجمة عن احتراق الطاقة
-        مزيد من العوادم الصناعية تدفن في التربة أو تلقى في مياه المحيطات والبحار أو الأنهار.
-        مزيد من استهلاك موارد الثروة الطبيعية من باطن الأرض كالمعادن أو من ظاهرها.
-        مزيد من المبيدات الحشرية والكيماويات الصناعية في تسميد الأرض
إنه النمو المستمر والمتزايد والمرتبط بالرغبات المادية غير المحدودة من قبل المستهلكين في إطار فلسفة اللذة Hedonism ويرتبط بالرغبة في تحقيق أكبر أرباح ممكنة وبصفة مستمرة.
هل يستطيع علم الاقتصاد الوضعي التجاوب مع قضية التنمية المتواصلة ومتطلباتها الأساسية ؟
هذه القضية تستدعي تغيراً جوهرياً في المفاهيم الفلسفية والتي قام عليها علم الاقتصاد الوضعي.
أقنع كينز في الثلاثينيات الحكومة الأمريكية ثم غيرها من الحكومات بضرورة التدخل بنظام السوق الحر وكانت قضية الكساد انذاك بمرئى وأمام الجميع تلقي بظلاله على ملايين العمال المعطلين وأصحاب الأعمال المتعسرة أعمالهم (افلاس)، وجميع الذين تناقصت دخولهم ومستويات معيشتهم في بداية القرن 21 أن يكونوا في ثقل كينز بالثلاثينيات فيمكن له أن يقنع العالم الحر في أن الخطر البيئي ، المترتب على سلوكيات وأخلاقيات مادية بحتة تراكمت آثارها على مدى فترات طويلة ، يمكن أن يكون أفظع أثراً من الكساد العظيم فيبدا بالتحليل ويضع النظرية ويصف السياسات الاقتصادية الملائمة التي يمكن وضعها موضع التطبيق ؛ لتحقيق النمو والتنمية تحت إطار الحفاظ على المنظومة البيئية؟
لا نجد أحد على الساحة ، بل نتساءل هل هناك قدرة على مثل هذا التنظير واشتقاق لمثل هذه السياسات في إطار علم الاقتصاد الواقعي أو الإيجابي؟
كيف يمكن التنظير للاستهلاك المعتدل أو القنوع في إطار آليات السوق الحر؟
كيف يمكن الخروج بنظريات اقتصادية تهتم بالمنافع المادية وغير المادية معا ؟
كيف نخرج بالنظريات التي تقنع رجل الأعمال أو الرأسمالي بالتضحية بمصلحته الخاصة من أجل الفرد والمجتمع؟
ولقد قالوا في هذا المجال : إن السياسات التي اتبعتها الحكومات في أنحاء مختلفة من العالم لإشباع حاجات عامة على غير أساس الربحية لم تتقيد بالمفاهيم الاقتصادية البحتة ، وما كان يمكن لها أن تقوم على أساس هذه المفاهيم (Midgley, 1995) . وهاهو الاقتصاد الحر يشهد الآن تحت شعارات:
-        الخصخصة Privatization
-        والعولمة Globalization
تخلي الحكومات عن كثير من المسؤوليات باتجاه إشباع الحاجات العامة. فكيف يكون لمثل هذا الواقع صالح للتغير باتجاه التنمية المتواصلة والتنظير لها؟
وجميع الأدلة القائمة تشير هناك فجوة متزايدة بين ما يراد من:
-        فكر جديد لأجل دعم قضية التنمية المتواصلة
-        الفكر الاقتصادي القائم
وإذا كانت قضية التنمية المتواصلة قضية حقيقية وليست مجرد وهم كبير فإن الاقتصاد الوضعي بفلسفته القائمة فلا بد أن يتقوض تماما وينهار من أجل علم اقتصاد جديد يقوم ويستطيع الاستجابة للمعطيات الجديدة.
الباب الخامس  :
دور الفكر الاقتصادي الإسلامي في مواجهة إشكالية التنظير للتنمية المتواصلة:
تبين أن الفكر الإسلامي يحيط بمعظم الأهداف المتضمنه للمفاهيم العديدة للتنمية المتواصلة . فهناك القواعد الشرعية والقيم الإسلامية التي تدعو لترشيد الاستهلاك وتجنب الإسراف وتدعو أصحاب الملكيات الخاصة للالتزام بوظيفته الاجتماعية ، ولإعمار الأرض وعدم الإفساد فيها.
وفي الإسلام الدوافع الإيمانية القوية القادرة على توجيه السلوك البشري وتحريك أصحاب العناصر الإنتاجية لغرض تحقيق الأهداف المذكورة . والشريعة تلقي على الحكومات مسؤولية التوعية والمراقبة للأفراد سواء مستهلكين اومنتجين والتدخل بشكل فعال لتحقيق ما لم تتمكن من تحقيقه آليات السوق التنافسي أو إصلاح الخلل الدي يطرأ على آلياته.
وتنامت الاجتهادات الاقتصادية الإسلامية باتجاه:
-        دراسة سلوك المستهلك في إطار المنافع المادية وغير المادية
-        دراسة السلوك الإنتاجي في إطار الالتزام بالمصلحة العامة للمجتمع والعدالة في المعاملات
-        دراسة عدالة توزيع الدخل والثروة في المجتمع وجميع ما يتصل بهذه المسألة من معاملات نقدية وحقيقية.
-        دراسة مبادئ ما يتحدث عنه المفكرون الوضعيون الآن تحت مصطلح التنمية المتواصلة
-        دراسة مبادئ الفكر الاقتصادي الوضعي لكيفية الاستفادة من الفكر الاقتصادي الإسلامي حينما نبحث قضية التنمية المتواصلة بحثاً جدياً بأبعادها المختلفة.
الباب السادس :
مفهوم التنمية في الفكر الإسلامي أكثر عمقا وتماسكا وأكثر شمولا:
من الخطأ فهم تبني الفكر الاقتصادي الإسلامي قضية التنمية المتواصلة كما يثيرها المفكرون الوضعيون . فالواقع أن قضية التنمية بمفهومها الإسلامي الصحيح أكثر اتساعا وأعمق منهجا وأكثر تماسكا من قضية التنمية المتواصلة في الفكر الوضعي .
بالإضافة أن المفهوم الإسلامي للتنمية مرتبط وملازم بإيمان عميق بأن الحياة في هذه الدنيا مرتبطة ومتصلة بحياة أخرى تأتي من بعدها حتما ، والإعداد والاستعداد لهما معا من الضروريات في هذه الحياة الأولى بما يعكس متطلبات إشباع الحاجات المادية والروحية معا ، وحينما ننجح في تطبيقهما (المادية والروحية)على نحو متوازن فنبلغ بالإنسان وبالمجتمع أقصى درجات الرفاه.
ومع وجود مفهوم إسلامي حقيقي (للتوصل) يكون أعلى درجة وأرقى بمراحل من المفهوم الوضعي، فقد قيل :
-        التنمية هي (طلب عمارة الأرض) لقوله تعالى : (هو أنشـأكم من الأرض واستعمـركم فيها) (هود 61)
-        وقيل : إنها (الحياة الطيبة) (يوسف إبراهيم  1989م)
-        وأنها (القيام بالنشاط الإنتاجي في مناخ يتوافر فيه الإيمان والتقوى) (عبد الرحمن يسري 1982م)
-        هي (خلق المناخ المناسب لسيادة القيم الإسلامية في مجتمع يتمتع بالرغد المادي) (منذر قحف)
-        هي (تحقيق حد الكفاية لأفراد المجتمع) (الفنجري) للعلم بأن حد الكفاية للقائل بهذا المفهوم يشمل كل ما تلزم للحياة السعيدة من توفير الحلي للمرأة والكتب لمن يهوى القراءة وأسباب الزواج لشباب الأمة (الفنجري  1980).
-        رأى خورشيد أحمد (1985) أن التنمية الاقتصادية الإسلامية لا تتحقق إلا على أسس عقدية متعلقة بالتوحيد والربوبية والاستخلاف . وهذه الأسس المتينة تضمن بلا شك ثباتها أو استدامتها .
-        رأى (Nagvi, S.N. 1980) أن التنمية ترتبط بالعدالة في توزيع الدخل والثروة حاضراً وعبر الأجيال وإلغاء الربا وفرض الزكاة.
-        قيل أيضا (عبد الرحمن يسري ، 1982م) : إن التنمية تعتمد على شرط أساسي وهو (الاستغفار) أي التعرف على الأخطاء والعيوب والخروج عنها ابتغاء رضا الله لقوله تعالى (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا . يرسل السماء عليكم مدراراً . ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) (نوح من 10-12) . ويفهم أن ثمرة الشرط المذكور(الاستغفار) هو السعادة المرتبطة بالأموال والحياة العائلية السعيدة المثمرة للذرية الطيبة (البنين) بالإضافة إلى طيبات الحياة الدنيا التي تستخرج من الطبيعة (جنات وأنهاراً).
لذا فإن تطبيق الشريعة شرط اساسي للتغيير في المناخ الاقتصادي والاجتماعي بما يعني وضع قواعد الأساس للتنمية من خلال التمسك بعقيدة الإسلام sufficient.
فإن تطبيق الشريعة يسقط كل من :
-        يسقط النظام الربوي
-        يسقط النظام الضريبي الوضعي
ويُحَمّل السلطة الحاكمة مسؤولية محاربة الاحتكار بكافة الأنواع والأشكال الضارة مع تنقية السوق من كافة المعاملات غير الشرعية والتي تفسد المنافسة الخالصة, وتطبيق الشريعة سوف يمنع من تركيز الثروة بأيدي القلة ويحمي الحقوق ويضمن حد أدنى لمستوى المعيشة لغير القادرين والمتعطلين , ويشيع مناخ العدالة والتكافل الاجتماعي ويبعث الطمأنينة في نفوس الطبقات الكادحة.
في المفهوم الإسلامي للتنمية الذي المتناول أن التغير الهيكلي في المناخ الاقتصادي الاجتماعي الذي يتبع تطبيق الشريعة والتمسك بالعقيدة هو الذي (يعبئ الطاقات البشرية للتوسع بعمارة الأرض والكسب الحلال بأفضل الطرق) لأن القوة البشرية هي محور العملية في التنمية.
التنمية في الفكر الإسلامي تتم بالجهود الذاتية للأفراد بصفة أساسية ثم بمعونة الدولة بصفة اخرى, ولكي يتمكن الأفراد من الارتقاء بأنفسهم فلا بد من وجود المناخ الاقتصادي والاجتماعي المناسب.
فكلما كان تطبيق كامل للشريعة وتمسك بالعقيدة كان تعبئة الطاقات البشرية بجميع أنواعها على النحو الأفضل , فالحديث عن مشكلة السكان أو ضرورة الحد من النمو السكاني غير مقبول إسلاميا .
اذا فمفهوم التنمية يدور حول العنصر البشري ودوره القيادي, فالإنسان ليس كما يفهمه بعض الدعاة للتنمية المتواصلة في الفكر الوضعي.
فلا يمكن الاساءة للأرض بزيادة اعداد السكان لانه العقل الذي ينبغي أن يفكر ويدبر لعمارة هذه الأرض بأفضل الطرق , واما الذين يضعون الإنسان بمرتبة أقل من درجته.
إنما هم تأثروا (بالواقع) الذي نزل فيه الإنسان عن طريق الفقر وغياب العدالة الاجتماعية في المجتمعات التي وقعت تحت وصاية النفوذ الرأسمالي.
والخلاصة في المفهوم الإسلامي للتنمية تؤكد على أن كل ما سبق يتم في (إطار التوازن بين الأهداف المادية والأهداف غير المادية) الأهداف التي ترتبط بإشباع الحاجات الحسية للإنسان منها:
-        بشكل مباشر(السلع والخدمات الاستهلاكية)
-        بشكل غير مباشر (السلع والخدمات الإنتاجية)
للحاضر والمستقبل ولجميع الأهداف المادية التي يتم إنتاجها واستهلاكها وفق الحسابات المادية وفي إطار القواعد الشرعية والأخلاق الإسلامية التي تحث على الاعتدال . أما الأهداف غير المادية فتتمثل في كل ما يشبع الحاجات الروحية والفكرية والأخلاقية وما يشبع العلاقات الاجتماعية التي أمر الله بها وحث عليها الرسول ص مثل:
-        (العلاقات العائلية وصلة الرحم والصداقة والجيرة) ..
-        وما يشبع علاقات التكافل الاجتماعي (العطف على الفقراء والمساكين والسعي لقضاء حاجات الآخرين) ..
فالتوازن بين الأهداف المادية وغير المادية بالنسبة للفرد (هو الأساس) يسهم في تحقيق التوازن بين الأهداف ، ويبقى ان الدولة عليها المسؤولية في مراقبة هذا التوازن والتأكيد على عدم حدوث الاختلالات تعبث به , وفي القرآن الكريم آيات تشير إلى هذا التوازن المنشود بين الأهداف المادية وغير المادية، منها :
-        (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة) (سورة النور : 37)
-        وقوله : (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) (البقرة : 201).

ولدينا في الإسلام المنهج والدافع للتنمية القائمة على الشريعة والعقيدة بما يتكفل استمرار قوة الدفع الذاتي للتنمية من خلال الأفراد والمؤسسات القائمة وفي إطار يضمن الحياة الطيبة التي تجمع بين الجانبين:
-        الجانب الروحي للانسان في توازن مرغوب
-        الجانب المادي للإنسان في توازن مرغوب

فهذا ما يتميز به الإسلام فهل يهتدي الناس وهو الباب الوحيد للسعادة الدنيوية والأخروية؟
حقوق النشر والطبع محفوظة للمؤلف (حسب قوانين ولوائح الملكية الفكرية) وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين.
dr. Sajid Sharif Atiya  سجاد الشمري
sajidshamre@hotmail.com

المصادر .....
(1) ابن كثير ، تفسير ابن كثير.
(2) أبو يوسف ، كتاب الخراج.
(3) لرازي ، التفسير الكبير.
(4) عبد الرحمن بن خلدون ، المقدمة.
(5) الإمام الغزالي ، إحياء علوم الدين ، كتاب الحلال والحرام.
(6) المنذري ، الترغيب والترهيب.
(7) خورشيد أحمد ، التنمية الاقتصادية في إطار إسلامي ترجمة د. رفيق المصري ، مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي ، العدد2 ، المجلد 2/1985م ، مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي جامعة الملك عبد العزيز- جدة.
(8) شوقي دنيا ، الإسلام والتنمية الاقتصادية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1979.
(9)شوقي الفنجري ، المذهب الاقتصادي في الإسلام "بحوث مختارة من المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي ، مركز ابحاث الاقتصاد الإسلامي ، جدة ، 1980.
(10) عبد الرحمن يسري أحمد ، تطور الفكر الاقتصادي ، الدار الجامعية ، الاسكندرية ، 2001م.
(11) عبد الرحمن يسري أحمد ، "الأولويات الأساسية في المنهج الإسلامي للتنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي" ، المركز العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي ، جامعة الملك عبد العزيز ، جدة ، 1982.
(12) عبد الرحمن يسري أحمد (1990) التنمية الاقتصادية ، نقد الفكر الوضعي وبيان المفهوم الإسلامي ، الندوة الدولية عن تنمية العالم الإسلامي ، فاس ، المغرب ، أكتوبر 1990 ، البنك الإسلامي للتنمية ، جدة ، مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله المغرب، ونشر أيضا في عبد الرحمن يسري ، دراسات في علم الاقتصاد الإسلامي ، الدار الجامعية ، الاسكندرية 2001م.
(13) محمد علي القري "استعراض الكتابات المعاصرة في التنمية الاقتصادية من المنظور الإسلامي" – ندوة إسهام الفكر الإسلامي في الاقتصاد المعاصر ، القاهرة ، المحرم 1409هـ ، سبتمبر 1988.
(14) محمد منذر قحف ، الاقتصاد الإسلامي ، دار القلم ، الكويت.
(15) يوسف إبراهيم ، استراتيجية وتكنيك التنمية الاقتصادية في الإسلام ، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية ، القاهرة ، 1981.
(16) Athanasiou, T. (1996), Divided planet: The
Ecology of Rich and Poor, Boston: Little, Brown
and Co.
(17) Bullard, R. (1990), Dumping in Dixie: Race,
Class and Environmental Quality, Boulder, Co:
Westview Press.
(18) Carson, R. (1962), Silent Spring, Greenwich,
CT: Faweett Publication.
(19) Chapra, M. Umer (2000), The Future of
Economics, An Islamic Perspective, UK: The
Islamic Foundation.
(20) Chris Maser (1989), Version and Leadership in
Sustainable Development, (Sustainable Community
Development Series), Lewis Publishers.
(21) Daly, H.E. (1996), Beyond growth: The
economics of sustainable development, Boston:
Beacon Press.
(22) Daly, H. E. and J. B. Cobb Jr. (1989),
For the Common Good: Redirecting the Economy
Toward Community, the Environment and a
Sustainable Future. Boston: Beacon Press.
(23) Durning, A. (1992), How Much is Enough:
The Consumer Society and the Future of the Earth,
New York: W. W. Norton & Co.
(24) Hardy, S. and G. Lloyd. (1994), ‘An
Impossible Dream? Sustainable Regional Economic
and Environmental Development’ Regional Studies,
28(8), 773-780.
(25) Hoff, M. D. (1994), ‘Environmental
Foundations of Social Welfare: Theoretical
Resources,’ in M.D. Hoff and J.G. McNutt (Eds.),
The Global Environmental Crisis: Implications for
Social Welfare and Social Work 12-35. Aldershot,
England: Ashgate Publishing / Avebury Books.
(26) Hoff, M.D. (1998), Sustainable Community
Development, Studies in Economic, Environmental
and Cultural Revitalization, Lewis publishers.
(27) Khinduka, S.D. (1987), ‘Community
Development: Potentials and Limitations’ in F. M.
Cox, J. L. Erlich, J. Rothman and J. E. Tropman
(Eds), Strategies of Community Organization 4th
ed., 353-362. Itasca, IL: F. E. Peacock (Orig.
published 1969).
(28) Lélé, S. M. (1991), ‘Sustainable
Development: A Critical Review’ World
Development, 19(6), 607-621.
(29) Meadows, D. H., D. L. Meadows, J.
Randers, and W. W. Behrens, III. (1974), The
Limits to Growth: A report for the Club of Rome’s
Project on the Predicament of Mankind (2nd ed.),
New York: Universe Books.
(30) Midgley, J. (1995), Social development:
The Development Perspective in Social Welfare,
London: Sage Publications.
(31) Mikesell, R. F. (1992), Economic
Development and the Environment, London: Mansell.
(32) Naqvi, Syed Nawab H. (1980), An Islamic
Approach to Economic Development, Islam and the
New International Economic Order, Geneva; I. L.O.
(33) Pearce D., E. Barbier, and A. Markandya,
(1990), Sustainable Development: Economics and
Environment in the Third World, Aldershot: Edward
Elgar.
(34) Sale, K. (1985), Dwellers in the Land:
The Bioregional Vision, San Francisco: Sierra
Club Books.
(35) Schumacher, E. F. (1973), Small is
Beautiful: Economics as if People Mattered. New
York: Harper and Row.
(36) Shabecoff, P. (1996), A New Name for
Peace: International Environmentalism,
Sustainable Development, and Democracy, Hanover.
NH: University Press of New England.
(37) UNDP (2001), ‘Sustainable Livelihoods
(www.undp.org/sl/ Introduction/introduction.htm.
(38) World Communication on Environmental and
Development (1987), Our Common Future. Oxford:
Oxford University Press.

(39) التنمية المتواصلة : المفاهيم والمستلزمات تقييم للفكر الوضعي ورؤية إسلامية/ الدكتور عبد الرحمن يسري أحمد أستاذ الاقتصاد ، جامعة الاسكندرية

(40) عبد الرحمن يسري ، المصطلح الاقتصادي بين الفكر الوضعي والفكر الإسلامي في العصر الحديث ، ندوة الدراسة المصطلحية والعلوم الإنسانية "كلية الآداب والعلوم الإنسانية" جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، فاس ، المغرب ، نوفمبر 1993م.
(41) محمد القري ، استعراض الكتابات المعاصرة في التنمية الاقتصادية من المنظور الإسلامي ندوة إسهام الفكر الإسلامي في الاقتصاد المعاصر ، القاهرة ، محرم 1409هـ ، سبتمبر 1988م.
(42) تفسير ابن كثير ، جـ 1 ، ص246-248.
(43) في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر لامرأة عُذّبت في هرة حبستها حتى ماتت جوعاً ولرجل دخل الجنة لأنه سقى كلبا يلهث من العطش ، الترغيب والترهيب الجزء الرابع ، ص258-259 (بأرقام 3300 ، 3301 ، 3302).