الأربعاء، 27 فبراير 2013

مشروع دراسة تمويل التعليم في ظل العولمة


 

بسم الله الرحمن الرحيم


مشروع دراسة تمويل التعليم في ظل العولمة

   dr. Sajid Sharif Atiya 
سجاد الشمري 

ان درجة الترابط بين ظاهرة العولمة والانظامة التعليمية تحتكم إلى معيار عملية التأثير والتأثر التي بدورها ينطلق منها النظام التربوي التعليمي، من خلال التفاعل مع البيئة المحلية في آن واحد, فمن هنا جاء هذا التحليل ليظهر مدى الأهمية لتمويل التعليم والمشاكل التي تواجهه مع مدى امكانية الحاجة إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة غير المصادر الحكومية.

كنتيجة الحاجة الماسة للتمويل في قطاع التعليم ، ومن خلال تزايد عدد الوافدين للجامعات والمعاهد التي هي قضية حتمية في ظل مجتمع أصبحت نسبة الشباب فيه ثلث عدد السكان. بفضل الله تعالى توصلنا إلى نتائج وتوصيات للاهتمام بعملية التمويل في المستقبل فيما يخص مجال التعليم ، مع ملاحظة التوسع في تشجيع القطاع الخاص لغرض دعم الجامعات والمعاهد باتجاه التوسع بأنظمة التعليم لكي تحقق الإيراد الذاتي للجامعات الحكومية.

ان العولمة ظاهرة قديمة تتخذ أبعاداً جديدة، وتكتسب مضامين حديثة، فقد ذاع استخدام مصطلح (العولمة) وانتشر على نطاقات واسعة منذ بداية تسعينيات القرن العشرين للحدوث العلاقه الوثيقة بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العميقة وهنا نرى أن العولمة حقيقة واقعة(1).
ولقد لوحظ أن نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي لبعض الدول العربية قد تراوحت:
-         بين 38.7% حتى 215.4% (1)

 وهنا سقط ادعاء العولمة الاقتصادية بأنها تسعى لتحسين مستويات العيش العالمي وتضييق فجوة التفاوت الاجتماعي ومساعدة الدول على إصلاح اقتصادياتها. من حيث هنالك زيادة كبيرة قد طرأت على عدد الفقراء في العالم، حيث:

-         بلغت 100 مليون نسمة خلال التسعينيات من القرن الماضي
-         أن مليار من سكان العالم يعيش اليوم بأقل من دولار في اليوم الواحد،
-         أن عدد من يعيش بأقل من دولار سيبلغ عام 2030 نحو خمسة مليارات(3).

المشكلة :
تركتز المشكلة الرئيسة على ضعف مصادر التمويل التعليم في الوقت الحاضر والحاجة الماسة لإيجاد المصادر للتمويل غير الحكومي يعتمد على القطاع الخاص ويدعم أنظمة التعليم العالي، والتوسيع فيها لكي تحقق إيراداً للجامعات والمعاهد.

الاهداف :
الإجابة عن الأسئلة الآتية:
س1 ـ ما هي الخطط والتوجهات المستقبلية المطلوبة واللازمة لغرض تمويل التعليم العالي؟
س2 ـ ما هو الدور للمؤسسات الحكومية وكذلك غير الحكومية والافراد ورجال الأعمال والمختصين في تمويل التعليم العالي؟
س3 ـ ما هي وسائل التعليم الحالية في العراق؟

فرضيات :
تستند هذه الفرضيات إلى ما يلي:

1 ـ الانخفاض بنسبة تمويل قطاع التعليم، ولاسيما التعليم العالي للموازنات العامة للدولة وللناتج المحلي في ظل ظروف العولمة.

2 ـ عدم كفاية التمويل بما يوازي النمو السكاني مع نمو عدد الوافدين لقطاع التعليم واختلال بمقدار التمويل الحكومي في هذا الاتجاه.

3 ـ الحاجة الملحة للتفتيش عن بدائل للتمويل أضافية محلية، وعلى المستوى الوطني لمؤسسات التعليم والجامعات والمعاهد لتنسجم مع ظروف العولمة.

وسنعتمد على المنهج الوصفي التحليلي والمنهج الاستقرائي والإحصائي للوصول إلى النتائج.

الباب الأول : العولمة ونظم التعليم في الوطن العربي:

العلاقة التي توضح نسبة الترابط بين ظاهرة العولمة والنظام التعليمي تحتكم لمعيار عملية التأثير والتأثر والتي ينطلق منها النظام التربوي التعليمي، من خلال التفاعل مع البيئة المحلية في آن واحد وأنها توصف نتائجها وإفرازاتها مابين السلبية والإيجابية(4).

واشارت دراسات أن الجامعات العربية لم تستطع أن ترى تقاليد البحث العلمي الذي بدوره يعمل على تطوير المجتمع العربي وحل مشكلاته، فتلجأ إلى التلقين والتجريد النظري، فبدوره يؤدي لخلق جيل لايفهم عملية التعليم، ويؤدي إلى التراجع والتراخي في وعي المدارس العربية للدور التعليمي(5).

فهنا أمام الدول العربية اتجاهين:
 أولاهما التوجه نحو الاقتراض من المؤسسات التي تدير العولمة وتقع الآن تحت سيطرة الدول الغنية، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه المنظمات هي:

 الاول ـ صندوق النقد الدولي:

منذ عام 1971 تحول من هدفه الخاص بالمحافظة على ثبات أسعار تحويلات العملات إلى مهمة أخرى وهي الإقراض، وأخذت بعدها مآسي صندوق النقد الدولي تتوالى على الدول المستدينة؟

ابسط وأكبر مثال ما حدث في زامبيا، عندما أخذت بنصائح الصندوق فيما يختص بالإصلاحات. فلقد أدى العمل بهذه النصائح إلى:

-         إغلاق ثلاثة أرباع مصانع النسيج الوطنية
-        استيراد ملابس أوربية مستعملة من الدول الغربية
كما أفضت إصلاحات الصندوق إلى حدوث:
-         تضخم يتعدى 200%،
-        انسحاب شركات متعددة الجنسيات من العمل في البلاد
-        ونتج عن ذلك فقدان خمسين ألف وظيفة خلال سنتين من الإصلاحات.

 الثاني ـ البنك الدولي:

مؤسسة مالية الهدف من نشأتها مساعدة البلدان النامية من خلال رفع مستوى معيشتها قياساً بمتوسط الدخل للبلد بالنسبة للفرد بالإضافة إلى تنمية اقتصادياتها، ولكن في الثمانينيّات صاغ البنك توجهات جديدة فاطلق اسم عليها وهي (قروض لضبط البنية) هدفها زيادة قدرة الدول النامية على المنافسة في الاقتصاد العالمي، وتنص هذه التوجهات على تشجيع ودفع التغييرات السياسية الخاصة بالتحول نحو الأسواق المفتوحة، وتقليل الدعم، والخصخصة، مع تقليص دور الحكومات.

وهكذا كشف البنك سياساته على انحيازه إلى الأيديولوجية الأنجلو أمريكية.

ونرى تقويم سياسات البنك الدولي لابد وأن تأخذ في الاعتبار مفهوم التنمية، من حيث أن التنمية يجب تحقق قدراً أكبر من المساواة في اقتسام السلطة والثروات، وفي المستويات العليا من التعليم وفي فرص أكبر من أجل الإنجاز، بالإضافةً لوظيفته المتعلقة بضمان القروض.

  الثالث ـ منظمة التجارة العالمية:

من خلال قيام المنظمة في الأول من كانون أول عام 1995، اكتسبت منظمة التجارة العالمية صلاحية التفتيش على جميع الدول ضماناً لحرية التجارة ومحاربة أية سياسة تتبنى الحمائية، والإشراف على تنفيذ جميع القوانين الخاصة بمسائل حقوق الملكية الفكرية والخدمات والاستثمار.

 الرابع ـ الشركات المتعددة الجنسيات:

وبجانب هذه المؤسسات العالمية، تتكفل اوتقوم (الشركات المتعددة الجنسيات أو متعدية الجنسيات) بدور بارز جدا في تحقيق العولمة، فهي  المستفيد الوحيد والأول منها، والمتمتع الحقيقي والأساسي بخيراتها.

فتسعى هذه الشركات إلى الدعم الكامل لعملية العولمة واستخدام الأساليب المبتكرة والحديثة في هذا الطريق من أجل تحقيق العولمة الكونية(6).

الباب الثاني ـ تمويل التعليم في العراق:

مسؤولية تمويل أنشطة التعليم العالي التعليمية والبحثية وغيرها في العراق كافة، ولا سيّما قبل صدور القوانين التي تسمح بإنشاء وافتتاح الجامعات الخاصة، والنظم التعليمية الجديدة في مجال التعليم العالي (التعليم الموازي والتعليم المفتوح) تتحمله الدولة العراقية.

 فهي ترصد في الموازنة العامة للدولة ما تحتاجه الجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى من خلال اعتمادات الموازنة الجارية، واعتمادات الموازنة الاستثمارية. وتحرص الدولة على زيادتها عاماً بعد عام.

الارتفاع في عدد الطلاب ومعدل الالتحاق يتطلب ارتفاعاً مماثلاً لموازنة التعليم العالي، إذا أردنا المحافظة على جودة التعليم العالي أو جودة الخريجين.

الباب الثالث ـ مصادر تمويل التعليم العالي الحالية في العراق:

الاستثمار في القطاع التعليمي له دور أساسي فالتجربة اليابانية والاستثمار في قطاع التعليم لأغراض التنمية الاقتصادية أكبر برهان على دور هذه المؤسسات.
فمن هنا بدأ الاعتماد على التمويل غير الرسمي أو ما يصطلح عليه بالتمويل الخاص كأحد المصادر الأساسية في تمويل التعليم من أجل تعدد مصادر التمويل لهذا القطاع، فظهرت الأنظمة الخاصة، إضافةً إلى التمويل الحكومي، وذلك كما يلي:

1 ـ نظام التعليم المفتوح.
2 ـ نظام التعليم الموازي.
3 ـ قبول أبناء العراقيين المغتربين.
4 ـ الجامعات الخاصة، ومنها الجامعة الافتراضية.
5 ـ مصادر ذاتية للجامعة ناتجة عن العمل المهني وبعض الاستثمارات لديها.

وهناك مصادر أخرى للتمويل ناتجة عن العمل المهني التي تقوم به كليات الجامعات وبعض الاستثمارات المتعلقة بالمقاصف ومنافذ البيع وتشكل مصدراً آخر للتمويل.

مصادر التمويل :

-        التمويل الحكومي
-        الإيرادات التي حصلت عليها الجامعة.
-        طلاب التعليم المقبولين يرفدون الجامعة بإيرادات مالية (7).

ارشادات النتائج والنوصيات:
ألف ـ النتائج:
-  إن تمويل التعليم يعتمد بشكل أساسي على مصادر التمويل الحكومي، ويأتي ضمن الموازنة الحكومية.
-  إن نسبة تمويل التعليم العالي من موازنة الدولة لا تزال متذبذبة حتى إذا ما تمت مقارنتها مع المخصصات في الدول العربية والأجنبية، ويعود هذا إلى ضعف موارد هذه الدول بشكل عام.
3 ـ غياب التناسب المتزايد من نسبة تمويل التعليم العالي مع تزايد عدد السكان مع عدد الوافدين إلى قطاع التعليم العالي، بل هو العكس، يمكن القول إنها تتناقص.

4 ـ ظهور مصادر تمويل جديدة كنتيجة للحاجة الماسة لغرض إيجاد مصادر تمويل جديدة ناتجة عن نظم التعليم الخاصة، إلا أنه ما زالت في بداياتها، ولا تساعد على حلول خلخلة تمويل التعليم وحتى إنّ القطاع الخاص لا يزال يخشى ضياع رأس المال، مع العلم أنّ رؤوس الأموال هذه يمكن استثمارها بشكل ناجح إذا صحت إدارتها والرقابة عليها بشكل جيد.

5 ـ هناك مصادر تمويل بديلة نتجت عن نظم التعليم :

-         في داخل الجامعات (التعليم المفتوح ـ التعليم الموازي)
-         من العمل المهني
-         من استثمارات الجامعة الذاتية
إلا أنها ما زالت تشكل نسبة بسيطة بالنسبة لحاجات قطاع التعليم، وذلك بما يتناسب مع ظروف العولمة.

6 ـ ضعف التمويل المشترك لقطاع التعليم العالي على المستوى المحلي.

باء ـ التوصيات

1 ـ إنشاء صندوق للتعليم في العراق تسهم في رأسماله:
-          الدولة بشكل رئيسي
-         المؤسسات العامة
-         المؤسسات الخاصة
-        والأفراد
لغرض دعم مؤسسات التعليم وتحديثها مع تطوير وزيادة فعاليتها في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

2 ـ إنشاء صناديق وطنية الغرض منها تمويل المشروعات الرئيسة المشتركة للتعليم بكل اشكاله.

3 ـ استمرار الدعم والتمويل الحكومي للتعليم نظراً لأهميته الكبرى مع المباشرة بالتوسع في إنشاء الجامعات الحكومية وتشجيع القطاع الخاص في المشاركة بالمؤسسات الجامعية، ولا سيما أن هذا المصدر الأخير بدأت الأنظار تتجه صوبه ساسياً في جميع دول العالم.

4 ـ تشجيع النظام التعليمي الجديد وتوسيعه بحيث يكون له دور أكثر في عملية التمويل بلحاظ معالجة الصعوبات التي تواجههم، مع العمل على إيجاد تعليم متوازيٍ (مسائي) ليصب رافد في الجامعات بمصادر تمويل جديدة.

5 ـ التوسيع في الأنشطة التي تقدمها الجامعات والخدمات على حد سواء في :
-         المجال الصحي
-         المجال الزراعي
-         تقديم برامج التدريب والتوعية
والتي بدورها تخدم وتشبع حاجات القطاعات المختلفة في المجتمع والتي شكلت مورد مالي للجامعات.

6 ـ اشتراك الافراد وخصوصا رجال الأعمال والخدمات في مجالس الجامعات في العراق، وذلك من أجل النهوض بتحقيق التفاعل المتبادل في مجال الاستشارات والدراسات والبحوث والمشكلات التي تواجهها هذه المؤسسات من أجل الوصول لتطوير استثماراتها وكفاءتها الإنتاجية والخدمية.

7 ـ المواكبة والتواصل من خلال:
-         الشركات الخاصة
-         الشركات العامة
-         الافراد وخصوصا رجال الأعمال
لغرض تأمين الحصول على الدعم المالي كهبات منتظمة وبالخصوص الأنشطة المتعلقة في مجال البحث العلمي والمؤتمرات العلمية والتي تصبح بخدمة المجتمع وعملية التنمية الشاملة.

8 ـ تخصيص حصة معينة او ضريبة من أرباح الشركات سواء كانت المحلية أو اعلى لتمويل الصناديق المحلية المقترح تخصصيها للتعليم ودعم حركة البحث العلمي.

9 ـ إعطاء المرونة والشفافية لغرض التصرف بموازنات الجامعات من قبل آمر الصرف أو من يفوضه، لتسريع حركة البحث العلمي من خلال تطوير العملية التعليمية بما يتوافق وظروف العولمة.

حقوق النشر والطبع محفوظة للمؤلف (حسب قوانين ولوائح الملكية الفكرية) وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين.
dr. Sajid Sharif Atiya  سجاد الشمري
sajidshamre@hotmail.com


المصادر:
1 ـ د. عاطف السيد، العولمة في ميزان الفكر، دراسة تحليلية، فلمنج للطباعة، عام 2000.
2 ـ التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 1999.
3 ـ أبو طالب عبد الهادي، هل تستطيع العولمة إنجاز وعدها بمحاربة الفقر والرشوة؟ جريدة الشرق الأوسط21/10/1999
4 ـ العياري، عبد الله، التعليم وتحديات العولمة، مجلة فكر ونقد، عدد 12، الرباط، 1998.
5 ـ د. الإبراهيم عدنان، النظم التعليمية والعولمة الاقتصادية، القاهرة.
6 ـ أ. أحمد الكيلاني، مقترح الاستراتيجية الوطنية (2005- 2025)، ورشة عمل- جامعة تشرين- 2005 م.
7 ـ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ـ استراتيجية تطوير التربية العربية ـ تقرير لجنة وضع استراتيجية لتطوير التربية في البلاد العربية. دار الريحاني ـ بيروت ـ لبنان.
8 ـ د. سيلان، جبران العبيدي، تمويل التعليم في ظل العولمة، الملتقى العربي حول التربية وتحديات العولمة الاقتصادية، القاهرة، 2002.
9 ـ أطروحة ماجستير، إدارة الجودة الشاملة وإمكانية تطبيقها في مجال التعليم العالي، شيراز طرابلسية، 2003،.
10 ـ جوزيف. إ. ستتفلتيز، حنيات العولمة ـ دار الفارابي، لبنان، 2003.
11 - مجلة جامعة تشرين العلوم الاقتصادية والقانونية المجلد (27) العدد (3) 2005  / الدكتور رضوان العمار / أستاذ مساعد في قسم الاقتصاد والتخطيط ـ كلية الاقتصاد ـ جامعة تشرين ـ اللاذقية ـ سوريا

هناك تعليق واحد:

  1. هذا المشروع موجود في كتاب الاقتصاد الإسلامي تحت عنوان - مشاريع تنمية وتطوير إعداد السياسات -الطبعة (مايو ايار) 2002م -ربيع اول 1423هـ , مزيدة ومنقحة تأليف ساجد شريف عطية Islamic Economics - dr. Sajid Sharif Atiya - faloon Center for Research and Studies

    ردحذف