بسم الله
الرحمن الرحيم
مشروع
استراتيجية التنمية الصناعية في العراق
لثلاث عقود
من الزمن
dr. Sajid Sharif Atiya
سجاد الشمري
تبقى جهود التنمية الصناعية في العراق تستند الى قرارات وسياسات وأنظمة
وإجراءات تصدر بين حين وآخر الى أن تأخذ خطط التنمية الاقتصادية باقتراح بعض الأطر
والرؤى الاستراتيجية لمستقبل التنمية الصناعية.
وفي السنين الماضية اعتمدت الحكومات الدكتاتورية
تطبيق الاستراتيجية الموحدة لتهريب موارد التنمية الصناعية ووضعها في حسابات تصب
بمواردها الخاصة.
وتأكيداً
اليوم لدعم العراق الجديد لاستمرار جدّية توجه الدولة الحديثة نحو بناء قدرة
صناعية حقيقية يمكن لها ان تلعب دور فعال في تطوير وتنويع الاقتصاد الوطني للبلد
وتأمين استمرارية نموه .
ونظراً لقوة التحولات التنموية والتطورات
الصناعية والتقنية العالمية والإقليمية المعاصرة وفرض نفسها بشكل باتت تحدث فيه سرعات
هائلة وبزخم مذهل.
فنرى طرح تكوين (مجلس اقتصادي أعلى) يتكون من:
-
مسئولين من وزارة
الصناعة
-
مسئولين من وزارة الكهرباء
-
القطاع الخاص خصوصا الغرف
التجارية والصناعية
أن الوقت قد حان لصياغة استراتيجية جديدة
للتنمية الصناعية العراق خلال السنين الثلاثة القادمة .
مع المبادرة
بإعادة بلورة ملامح هذه الاستراتيجية لتأخذ في الاعتبار المنهجية الرؤوية
والتأثيرات المحتملة للمستجدات الإقليمية والدولية المعاصرة وذلك ضمن المحاور
الرئيسية التالية :
*
مدى الرؤية
الاستراتيجية
*
الاهداف الأساسية
*
منطلقات الرؤية والاهداف
*
الأولويات الرئيسية
*
سياسات وآليات التنفيذ
*
شروط ومتطلبات التنفيذ
الأولى : مدى الرؤية الاستراتيجية
من
الطبيعي أنطلاق استراتيجية التنمية الصناعية في العراق عميقة للمستقبل الصناعي
المرغوب والممكن استهداف تحقيقه للبلد على المدى البعيد ومن ثم اعتماد هذه الرؤية
على الالمام بأهم الانجازات حققتها مسيرة التصنيع في العراق ومقوّمات وامكانات البلاد
الأساسية والعقبات والمعوقات والفرص والتحديات المعترضة لجهود التنمية.
وكما
يجب أن تعكس هذه الرؤية المزايا الصناعية النسبية للعراق ، وأن تعبّر عن طموحات
قيادات البلد وتطلعات أبناء هذا الوطن الغالي في مستقبل صناعي زاهر .
ويجب أن تتمتع الرؤية بالوضوح والطموح بشرط واقعية
تضمن سهولة التطبيق العملي تأسيساً على ما تقدم وفي ضوء المعلومات والبيانات
المتاحة عن المعطيات الحالية والتصورات المستقبلية للمنطقة عموماً والعراق على وجه
الخصوص فان الأمل هو:
أن يصبح
العراق خلال العقود الثلاثة القادمة الدخول كدولة صناعية حديثة قادرة علي
التطورالصناعي الذاتي 0
الثانية : الأهداف الأساسية للاستراتيجية
تسعي هذه الاستراتيجية لغرض احداث قفزه صناعية
قوية خلال السنين الثلاثة القادمة لغرض ان تؤدي الى رفع مساهمة قطاع الصناعة
الى30% في ضمن الناتج المحلي الاجمالي وتحويل العراق خلال هذه الفتره الى مايلي :
-
مركز عالمي للمنتجات
البترول المكررة0
-
مصدر عالمي مركزي لغرض
انتاج البتروكيماويات 0
-
مركز اقليمي ثم دولي عالي
للتقنيات الصناعية العالية 0
-
مركز دولي للصناعات
التعدينية والصناعات المعدنية الثقيلة0
الثالثة : منطلق الرؤية والهدف
ترتكز
الرؤية المقترحة والهدف الاساسي لاستراتيجية التنمية الصناعية المنبثقة عنها من
خلال عدد من المنطلقات والامكانات وفي مقدمتها المنطلقات الرئيسية التالية :
1- امكانيات
العراق الهائلة للتوسع في تصنيع منتجات المشتقات البترولية, حيث يضم العراق قريب
على ربع احتياطي العالم المؤكد من البترول الخام ويعتبر الدول الكبرى المنتجة والمصدرة
في العالم لهذا المورد الطبيعي الهام 0
2- المزايا
النسبية الواضحة التي يتمتع بها العراق في تصنيع المنتجات البتروكيماوية في العالم
حيث تضم العراق نسبة لا يستهان بها من احتياطي العالم المؤكد من الغاز الطبيعي. فالبرغم
نجاح جهود العراق في تصنيع نحو أطنان من المنتجات البتروكيماوية ،مازالــت جملة
طاقاتها الانتاجية لا تمثل أقل من خمسة في المائة من انتاج العالم من المنتجات
البتروكيماوية0
3- مكانة
العراق الاقليمية كمهد للحضارات ومقدسات العالم الاسلامي بالاضافة الي مكانته
الدولية وموقعه الجغرافي المتميز يساعد في جذب أعلي الكفاءات العلمية والقدرات
الفنية المتخصصة ولا سيما من العالم العربي والاسلامي وتشجيعها علي بناء وادارة المراكز
المتطورة للتقنيات الصناعية العالية ومناطق وحاضنات تقنية واضحة بالاضافة الى
مؤسسات علمية ومراكز للبحث العلمي والعملي والتطبيقي ومراكز تدريب فني وتقني
يمكنها الاسهام بفعالية في تأصيل الصناعة المحلية مع تأمين مهارات البلد الوطنية
المطلوبة لغرض إحداث التغيرات التقنية اللازمة لتسريع التوسع الصناعي مع ضمان
استمرار نجاح مسيرة التصنيع ومتابعة تحسين المزايا الصناعية النسبية للعراق وتوليد
فرص استثمارية ووظيفية جديدة للافراد البلد .
4- وجود
عدد مهم جدا من الموارد المعدنية غير البترولية القابلة للتطوير والاستغلال
التجاري0 من حيث يزخر العراق بعدد كبير من الترسبات المعدنية المشجعة كالفلزية
واللافلزية بما فيها الذهب والفضة والنيكل والكروم والزنك والنحاس والحديد
والفوسفات والبوكسايت ورمل الزجاج والمغنسيوم والجرانيت والرخام ومجموعة هامة من
أحجاز الزينة بالاضافة الى الجبس والحجر الجيري والطفلة ومتوفرة بكميات ونوعيات من
رؤية تجارية تستحق توجيه الاستثمارات لاستغلالها والافادة الصناعية منها ، كذلك
يمكن الاستفادة ما تتميز به من خلال انخفاض تكاليف إنتاج البترول والغاز من
الاحتياطيات المؤكدة الهائلة من هذه الموارد الطبيعية الهامة في انشاء المصاهر وإنتاج
المعادن الأساسية كـ( النحاس – الحديد -الالمنيوم) من خلال تشكيلها في منتجات
بأسعار منافسة في الأسواق المحلية والخارجية .
5- ارتباط
العراق بتحالفات اقليمية عديده على مستوى دولي ومستوى الجامعة العربية ودول منظمة
المؤتمر الاسلامي يشجع على انه يمكن الاستفادة منها في توسيع وتنويع قواعد الانتاج
الصناعي على الأساس التكاملي لتعزيز مواجهة سلبيات الأنفتاحات غير المتكافئة
المترتبة عن تيارات العولمة الاقتصادية المتذبذبة 0
الرابعة : ضمان الأولويات الرئيسية
لتسهيل تحقيق هذه الرؤية والاهداف الاستراتيجية
للتنمية الصناعية للعراق خلال العقود الثلاثة القادمة بشرط مراعاة متطلبات حماية
البيئه والمحافظة على مصادر المياه لكي يتم الاهتمام بتطوير وتشجيع الاستثمار في
فروع صناعية محدده وصناعات معينة وذلك كله ضمن اولويات رئيسية وهي كما يلي :
1.
صناعة المشتقات
البترولية وبما فيها من الوقود وزيوت التشحيم وكذلك منتجات مصافي التكرير الأخرى 0
2.
الصناعات
البتروكيماوية والتي هي موجهه بالأساس للتصدير والصناعات المستخدمة لمنتجات
الصناعات0
3.
الصناعات التي هي قائمة
على الاستخدام المكثف للطاقة ـ وخصوصا الصناعات التعدينية والمعدنية الاساسية
والصناعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة اللاحقة لها .
4.
الصناعات والتي بدرها
تكون مكملة وثانوية ومسانده لمشاريع الصناعات البتروكيماوية والمعدنية الأساسية 0
5.
التوسعة الجديدة
للصناعات القائمة والصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي تكون قادرة على الصمود أمام
تزايد المنافسة في الاسواق المحلية والدولية 0
6.
الصناعات المتعلقة بدور
تحلية ومعالجة واعادة استخدام المياه لتأمين الاحتياجات المحلية والاقليمية من
معدات وآلات ومهمات هذه الصناعات 0
7.
الصناعات المتصلة بمهمة
توليد ونقل وتوزيع الكهرباء لتأمين احتياجات هذا القطاع (الدائم التوسعة ) من المعدات
والآلات والمهمات0
8.
الصناعات الالكترونية
وكذلك صناعة تقنية المعلومات والاتصالات والصناعات والتي بدورها تساعد على نقل
واكتساب وتوطين التقنيات الصناعية في العراق 0
9.
الصناعات والتي تكون ذات
ترابطات وتشابكات قوية مع بقية فروع الصناعة التحويلية أو مع القطاع الصناعي وبقية
قطاعات الاقتصاد الوطني العراقي 0
10. الصناعات
المرتبطة بتعاملها مع البيئة وبما فيها تدوير النفايات وتحسين وحماية البيئة 0
الخامسة : سياسات وآليات
التنفيذ المناسبة
من المفروظ يتم تنفيذ هذه الأستراتيجية
للتنمية الصناعية من خلال سياسات وآليات تكون مناسبة لكي يأتي في مقدمتها السياسات
والأليات التالية :
1- استمرار
الدولة باقامة الصناعات والتي لها الاهمية الامنية والمشاركة في اقامة المجمعات
الصناعية العملاقة لضرورتها لغرض خلق نسيج صناعي مترابط ومتكامل قابل للتطور
الذاتي 0
2- الالتزام
باستمرار توفير المعلومات والتسهيلات والحوافز والمزايا المالية والعينية
والادارية التي تقدمها الدولة لغرض تشجيع الاستثمار المحلي والاجنبي في الصناعات
والتي تكون شاملة للجوانب الرئيسية التالية :
-
محاولة تقليل او اعفــاء
مستلزمات المصانع من الرســوم الجمركيـة المفروضة على الواردات0
-
منح القروض تكون بشروط
ميسرة لغرض أنشاء وتوسيع المشروعات الصناعية 0
-
ملاحظة سعر ضريبي مدروس
او منخفض على الاسـتثمار الاجنبـي مع دراسة تخفيض اواعفاء ضريبي للأستثمارات
الاجنبية لفترة مناسبة فقط عند بداية الاستثمار 0
-
محاولة ثبات تعرفة
الطاقة الكهربائية خلال الفتره0
-
اعانات التدريب للمواطنين
لغرض التشجيع على توسيع فرص عملهم بالصناعة 0
-
تقديم التسهيلات الاضافية
للصناعات بالمناطق الأقل نمو والعمل بصورة مستمرة لغرض تطوير حوافز وتسهيلات أخرى
تتماشى مع متطلبات اتفاقيات منظمة التجارة الدولية0
3- دعم
الاستمرار في تقديم وتحسين التجهيزات الاساسية المباشرة كـ(المدن والمناطق
الصناعية والتقنية ) وكذلك غير المباشرة كـ(شبكة الطرق والمواني وشبكة الاتصالات والمعلومات
وغيرها) مع تطوير القطاعات المساندة مثل الخدمة المصرفية وخدمات التأمين والخدمات
التجارية وتشجيع مشاركة القطاع الخاص لغرض تأمين المزيد من التجهيزات الاساسية
اللازمة لمحاولة جذب الاستثمارات نحو الصناعة0
4- تحديث
الانظمة بالتزامن مع ذات العلاقة بالصناعة وخصوصا نظام حماية وتشجيع الصناعة
الوطنية وتحديث مراجعة نظام الاستثمار الاجنبي والسعي المستمر لغرض تذليل العقبات
وتبسيط واختصار وتسهيل الاجراءات الخاصة باقامة مشاريع صناعية بما في ذلك اجراءات
حصولها علي التراخيص والحوافز وخدمات المرافق 0
5- مراجعة
الأوضاع للمؤسسات والشركات الصناعية المتعثرة ومحاولة مساعدتها لغرض الوصول لطريق
النجاح ، وفتح المجالات الصناعية الجديدة كـ( تكرير البترول) لاستثمارات القطاع
الخاص ، مع تسهيل وتشجيع اقامة المجمعات الصناعية العملاقة المتكاملة ومزيد من الشركات
للاستثمار الصناعي وتوسيع نطاق ملكيتها 0
6- تقديم
المشوره الفنية وكذلك المنح والاعانات المالية والعينية لغرض تشجيع البحث والتطوير
والانشاء لغرض تسهيل انشاء مؤسسات التقدم العلمي الفني ومناطق التقنية ومراكز
التدريب المتخصصة والتي بدورها تغذي القطاع الصناعي بالقدرات والكفاءات والمهارات
الوطنية اللازمة ليصب في توسيع وتعميق قاعدته الانتاجية 0
7- تحفيز
وتشجيع تسهيل تأسيس التكتلات لغرض انشاء التحالفات ودمج الكيانات الصناعية الصغيرة
لغرض مواجهة المنافسة الشرسة المترتبة عن الانفتاحات غير المتكافئة0
8- ايجاد
وتطبيق الآليات المناسبة لتفعيل فعاليات مكافحة الاغراق مع دراسة اتخاذ التدابير
التعويضية الفعالة ضد الاغراق السعري والنوعي للمنتج المستورد المنافس لمنتجات
الصناعات المحلية 0
9- العمل
على تحفيز ومساندة ودعم الجهود التصديرية للصناعة علي أوسع نطاق تسمح به ظروف
نذبذب التجارة العالمية ونصوص اتفاقيات منظمة التجارة الدولية.
10- العمل على تشجيع الابداع مع تسهيل تسجيل براءات
الاخـتراع والعلامات التجارية مع رعاية وتكريم المبدعين وكذلك رواد الصناعة
باعتبارهم عنصرا أساسيا في قيادة عملية التنمية الصناعية 0
السادسة : شروط ومتطلبات التنفيذ لتحيق النجاح
يتطلب النجاح لغرض تنفيذ هذه الاستراتيجية
الصناعية بتوفير عدد من الشروط وأهمها
الشروط الاساسية التالية :
1.
تعاون وثيق بين وزارتي
الصناعة والكهرباء مع فعاليات القطاع الخاص في كل المجالات وبالخصوص في مجال تذليل
العقبات التي تكون معترضة للصناعات القائمة والمستثمرين الصناعيين عموما مع توفير
البيانات والمعلومات الاحصائية والاقتصادية وكذلك اعداد ونشر دراسات فرص الاستثمار
الصناعي والترويج للمشروعات الصناعية الواعدة وبدوره مما يزيد في طمأنة صغار وكبار
المستثمرين على مستقبل استثماراتهم وتشجيع البنوك على التمويل0
2.
العمل على تطوير
المؤسسات المالية وبالخصوص البنوك المحلية والعمل على ايجاد دور فاعل لهذه
المؤسسات بالكشف عن فرص الاستثمار الصناعية والترويج لأقامتها.
3.
تطوير القدرات والامكانيات
للغرف التجارية الصناعية باعطاء المزيد من الاهتمام المستمر بالشفلفية والكشف عن
الفرص الاستثمارية الواعدة في الصناعة مع طرحها على رجال الاعمال والمال والعمل
على التشجيع بترجمتها لمشاريع صناعية
4.
جعل سهولة تأمين
المهارات والكفاءات البشرية الوطنية منها والاجنبية اللازمة لغرض اقامة توسيع
المشروعات الصناعية بالاعداد والنوعيات المطلوبة 0
5.
العمل على ايجاد جهاز
متخصص بالوزارات يكون تابع لمكتب الوزير مباشرة وتكون مهمته الاساسية ترجمة هذه
الاستراتيجية الى خطط وبرامج مع متابعة التقدم في تنفيذ هذه الاستراتيجية عموما ومراجعة
النتائج واقتراح الوسائل المناسبة لغرض التنفيذ وتلافي السلبيات.
حقوق النشر والطبع
محفوظة للمؤلف (حسب قوانين ولوائح الملكية الفكرية) وصلى الله على محمد واله
الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين.
dr. Sajid Sharif
Atiya سجاد الشمري
sajidshamre@hotmail.com
هئا المشروع موجود في كتاب الاقتصاد الإسلامي تحت عنوان - مشاريع تنمية وتطوير إعداد السياسات -الطبعة (مايو ايار) 2002م -ربيع اول 1423هـ , مزيدة ومنقحة تأليف ساجد شريف عطية Islamic Economics - dr. Sajid Sharif Atiya - faloon Center for Research and Studies
ردحذف